Sharh Nahj Balagha
شرح نهج البلاغة
Tifaftire
محمد عبد الكريم النمري
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1418 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
فعلمنا أنه يريد أن نضمن له كتمان حديثه ، فقلت أنا له : يا أمير المؤمنين ، الزمنا وخصنا وصلنا ، قال : بماذا يا أخا الأشعرين ؟ فقلت : بإفشاء سرك وأن تشركنا في همتك فنعم المستشاران نحن لك ! قال : إنكما كذلك ، فاسألا عما بدا لكما ، ثم قام إلى الباب ليغلقه ، فإذا الآذن الذي أذن لنا عليه في الحجرة ، فقال : امض عنا لا أم لك ! فخرج وأغلق الباب خلفه ، ثم أقبل علينا ، فجلس معنا ، وقال : سلا تخبرا ، قلنا : نريد أن يخبرنا أمير المؤمنين بأحسد قريش ، الذي لم يأمن ثيابنا على ذكره لنا ، فقال : سألتما عن معضلة ؛ وسأخبركما فليكن عندكما في ذمة منيعة وحرز ما بقيت ؛ فإذا مت فشأنكما وما شئتما من إظهار أو كتمان . قلنا : فإن لك عندنا ذلك . قال أبو موسى : وأنا أقول في نفسي : ما يريد إلا الذين كرهوا استخلاف أبي بكر له كطلحة وغيره ، فإنهم قالوا لأبي بكر : أتستخلف علينا فظا غليظا ! وإذا هو يذهب إلى غير ما في نفسي ، فعاد إلى التنفس ثم قال : من تريانه ؟ قلنا : والله ما ندري إلا ظنا ! قال : ومن تظنان ؟ قلنا : عساك تريد القوم الذين أرادوا أبا بكر على صرف هذا الأمر عنك ؛ قال : كلا والله ! بل كان أبو بكر أعق ؛ وهو الذي سألتما عنه ، كان والله أحسد قريش كلها . ثم أطرق طويلا ، فنظر المغيرة إلي ونظرت إليه ، وأطرقنا مليا لإطراقه ، وطال السكوت منا ومنه ، حتى ظننا أنه قد ندم على ما بدا منه . ثم قال : والهفاه على ضئيل بني تميم بن مرة ! لقد تقدمني ظالما ، وخرج إلي منها آثما ، فقال المغيرة : أما تقدمه عليك يا أمير المؤمنين ظالما فقد عرفناه ، كيف خرج إليك منها آثما ؟ قال : ذاك لأنه لم يخرج إلي منها إلا بعد يأس منها ، أما والله لو كنت أطعت يزيد بن الخطاب وأصحابه لم يتلمظ من حلاوتها بشيء أبدا ، ولكني قدمت وأخرت ، وصعدت وصوبت ، ونقضت وأبرمت ، فلم أجد إلا الإغضاء على ما نشب به منها ، والتلهف على نفسي ، وأملت إنابته ورجوعه ، فوالله ما فعل حتى نغر بها بشما .
Bogga 20