Sharh Nahj Balagha
شرح نهج البلاغة
Tifaftire
محمد عبد الكريم النمري
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1418 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
بعد وقعة دير الجماجم : يا أهل العراق ، يا أهل الشقاق والنفاق ، إن الشيطان استبطنكم ، فخالط اللحم والدم والعصب ، والمسامع والأطراف والأعضاء والشغاف ، ثم أفضى إلى الأمخاخ والأصماخ ؛ ثم ارتفع فعشش ، ثم باض ففرخ ، فحشاكم نفاقا وشقاقا ، وملأكم غدرا وخلافا ، اتخذتموه دليلا تتبعونه ، وقائدا تطيعونه ، ومؤامرا تستشيرونه ؛ فكيف تنفعكم تجربة ، أو تعظكم واقعة ، أو يحجزكم إسلام ، أو يعصمكم ميثاق ! ألستم أصحابي بالأهواز ؛ حيث رمتم المكر ، وسعيتم بالغدر ، وظننتم أن الله يخذل دينه وخلافته ؛ وأنا أرميكم بطرفي ، وأنتم تتسللون لواذا ، وتنهزمون سراعا ! ثم يوم الزاوية ، وما يوم الزاوية ! بها كان فشلكم وكسلكم وتخاذلكم وتنازعكم ، وبراءة الله منكم ، ونكول وليكم عنكم ، إذ وليتم كالإبل الشوارد إلى أوطانها ، النوازع إلى أعطانها ؛ لا يسأل المرء على أخيه ، ولا يلوي الأب على بنيه ، لما عضكم السلاح ، وقمصتكم الرماح . ثم يوم دير الجماجم ، وما يوم دير الجماجم ! بها كانت المعارك والملاحم ، بضرب يزيل الهام عن مقيله ، ويذهل الخليل عن خليله .
يا أهل العراق ؛ يا أهل الشقاق والنفاق ! الكفرات بعد الفجرات ، والغدرات بعد الخترات ، والنزوة بعد النزوات ! إن بعثتكم إلى ثغوركم غللتم وخنتم ، وإن أمنتم أرجفتم ، وإن خفتم نافقتم . لا تذكرون حسنة ، ولا تشكرون نعمة .
هل استخفكم ناكث ، أو استغواكم غاو ، أو استفزكم عاص ، أو استنصركم ظالم ، أو استعضدكم خالع إلا اتبعتموه وآويتموه ، ونصرتموه وزكيتموه ! يا أهل العراق ؛ هل شغب شاغب ، أو نعب ناعب ، أو زفر كاذب ، إلا كنتم أشياعه وأتباعه ، وحماته وأنصاره ! يا أهل العراق ؛ ألم تزجركم المواعظ ! ألم تنبهكم الوقائع ! ألم تردعكم الحوادث ! ثم التفت إلى أهل الشام وهم حول المنبر ، فقال : يا أهل الشام : إنما أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه ، ينفي عنها القذر ويباعد عنها الحجر ، ويكنها من المطر ، ويحميها من الضباب ، ويحرسها من الذئاب ! يا أهل الشام ؛ أنت الجنة والرداء ، وأنتم العدة والحذاء .
ثم نزل .
ومن خطبة له في هذا المعنى وقد أراد الحج
يا أهل الكوفة ، إني أريد الحج وقد استخلفت عليكم ابني محمدا ، وأوصيته بخلاف وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار ، فإنه أمر أن يقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، وإني قد أوصيته بألا يقبل من محسنكم ، ولا يتجاوز عن مسيئكم . ألا وإنكم ستقولون بعدي : لا أحسن الله له الصحابة ! ألا وإني معجل لكم الجواب : لا أحسن الله لكم الخلافة .
ومن خطبة له في هذا المعنى
Bogga 206