(فلم يعد) أي، فلم يحسب النبي ﷺ (ذلك) الاختيار (طلاقًا) في ذلك المقام.
ورواه البخاري ولفظه: فاخترنا الله ورسوله، فلم يعد ذلك علينا شيئًا، واختلف أهل العلم في حكم التخيير فقال عمر بن مسعود وابن عباس: إذا خير الرجل امرأته فاختارت زوجها لا يقع شيء، ولو اختارت نفسها تقع طلقة واحدة، وهو قول أبي حنيفة، وعمر بن عبد العزيز وابن أبي ليلى، وسفيان، والشافعي إلا أن عند أبي حنيفة طلقة بائنة، وعند آخرين رجعية، وقال زيد بن ثابت: إذا اختارت الزوج يقع طلقة واحدة، وإذا اختارت نفسها فثلاث، وهو قول الحسن، وبه قال مالك.
وروى عن علي ﵁ أنها إذا اختارت زوجها يقع طلقة واحدة،
وإذا اختارت نفسها فطلقة بائنة قال البغوي في تفسير قوله تعالى: ﴿يا أيُها النبي قُلْ لأَزواجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وزِينَتُها فَتَعَالَينَ أمَتِعْكُنَّ﴾ أي متعة الطلاق ﴿وَأُسَرحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ... وإِن كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الله وَرَسُولَهُ والدارَ الآخرةَ فَإنَّ الله أَعَدَّ لِلمُحسنَات مِنْكُنَّ أجرًا عظِيمًا﴾ (١) وفي صحيح مسلم قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله ﷺ فوجد الناس جلوسًا ببابه لم يؤذن لأحد منهم، قال: فأذن لأبي بكر فدخل ثم أقبل عمر فأذن له، فدخل فوجد النبي ﷺ جالسًا وحوله نساؤُهُ واجمًا ساكتًا قال في نفسه: لأقولن شيئًا أضحك النبي ﷺ فقال: يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة، فقمت إليها فوجأت عنقها فضحك النبي ﷺ "وقال: هن حولي كما ترى يسألنني النفقة، فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها وقام عمر إلى حفصة: يجأ عنقها كلاهما يقول: تسألين رسول الله ﷺ شيئًا ليس عنده ثم اعتزلهنَّ شهرًا أي كاملًا، أو تسعًا وعشرين يومًا، ثم نزلت هذه الآية قال: فبدأ بعائشة فقال يا عائشة إني أريد أن أعرض عليك أمرًا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية قالت: فيك يا رسول الله أستشير أبوي، بل
_________
(١) الأحزاب ٢٨ - ٢٩.
1 / 44