Sharaxa Mukhtasar Rawda
شرح مختصر الروضة
Tifaftire
عبد الله بن عبد المحسن التركي
Daabacaha
مؤسسة الرسالة
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْكَلَامِ، وَذَلِكَ مُخِلٌّ بِالظَّاهِرِ، لَكِنَّ مِثْلَ هَذَا جَائِزٌ عَقْلًا، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ مُحَالٌ، وَوَاقِعٌ شَرْعًا، إِذْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَخْصِيصٌ، وَقَدْ وَقَعَ فِي الشَّرْعِ كَثِيرًا، وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ مِثْلُهُ فِي التَّعْرِيضِ، وَبَيَانُهُ: أَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ: إِنَّ مِنَ الْأَشْيَاءِ مَا يُعْلَمُ حُسْنُهُ أَوْ قُبْحُهُ بِالْعَقْلِ، كَالْكَذِبِ، فَإِنَّهُ قَبِيحٌ فِي الْعَقْلِ لِذَاتِهِ، قُلْنَا لَهُمْ: لَوْ كَانَ الْكَذِبُ قَبِيحًا لِذَاتِهِ، لَمَا اخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ، لَكِنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَ، فَإِنَّا لَوْ رَأَيْنَا كَافِرًا يَطْلُبُ نَبِيًّا لِيَقْتُلَهُ، فَدَخَلَ دَارًا، فَجَاءَ الْكَافِرُ، فَقَالَ: أَيْنَ الرَّسُولُ، هَلْ هُوَ عِنْدَكُمْ؟ لَوَجَبَ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ الْكَذِبُ هَاهُنَا، لِئَلَّا يُهْدِرَ دَمَ الرَّسُولِ ظُلْمًا.
وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا بِأَنْ قَالُوا: لَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ الْكَذِبِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ دَافِعًا عَنِ الرَّسُولِ، إِذْ فِي التَّعْرِيضِ غَنْيَةٌ عَنْهُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَنَا: هَلْ رَأَيْتُمُ الرَّسُولَ؟ فَنَقُولُ: مَا رَأَيْنَا الرَّسُولَ، وَنَعْنِي بِهِ رَسُولَ زَيْدٍ. أَوْ يَقُولُ لَنَا: هَلْ عِنْدَكُمُ الرَّسُولُ؟ فَنَقُولُ: لَا، وَنُرِيدُ بِهِ رَسُولَ السُّلْطَانِ، وَهَذَا إِضْمَارٌ يُخِلُّ بِمَعْنَى ظَاهِرِ الْكَلَامِ، وَقَدْ قَالُوا بِهِ، فَلْيَجُزْ مِثْلُ ذَلِكَ فِي تَعْلِيقِ إِيقَاعِ الْعِقَابِ بِالْمَشِيئَةِ، لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ التَّعْرِيضِ، وَقَعَ لِفَائِدَةِ التَّرْهِيبِ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: " وَهَذَا مِنْهُ ".
قَوْلُهُ: " وَالْمُخْتَارُ " أَيْ: وَالْمُخْتَارُ فِي حَدِّ الْوَاجِبِ أَنَّهُ: " مَا ذُمَّ شَرْعًا تَارِكُهُ مُطْلَقًا ".
وَهَذَا أَعَمُّ مِنَ التَّعْرِيفَيْنِ قَبْلَهُ، لِأَنَّ كُلَّ مُعَاقَبٍ أَوْ مُتَوَعَّدٍ بِالْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ
1 / 272