178

Sharaxa Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Baare

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Daabacaha

مؤسسة الرسالة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

لَنَا، إِنْ صَحَّ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ لِغَيْرِهِ، صَحَّ بِالْمُحَالِ لِذَاتِهِ، وَقَدْ صَحَّ ثَمَّ، فَلْيَصِحَّ هُنَا.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ، فَلِأَنَّ الْمُحَالَ، مَا لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ. أَمَّا الْأُولَى فَظَاهِرَةٌ، إِذِ اشْتِقَاقُ الْمُحَالِ مِنَ الْحُؤُولِ عَنْ جِهَةِ إِمْكَانِ الْوُجُودِ. أَمَّا الثَّانِيَةُ، فَلِأَنَّ خِلَافَ مَعْلُومِ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ، وَبِهِ احْتَجَّ آدَمُ عَلَى مُوسَى، فَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ، وَإِلَّا انْقَلَبَ الْعِلْمُ الْأَزَلِيُّ جَهْلًا. . وَقَدْ جَازَ التَّكْلِيفُ بِهِ إِجْمَاعًا، فَلْيَجُزْ بِالْمُحَالِ لِذَاتِهِ، بِجَامِعِ الِاسْتِحَالَةِ، وَلَا أَثَرَ لِلْفَرْقِ بِالْإِمْكَانِ الذَّاتِيِّ، لِانْتِسَاخِهِ بِالِاسْتِحَالَةِ بِالْغَيْرِ الْعَرَضِيَّةِ. وَأَيْضًا فَكُلُّ مُكَلَّفٍ بِهِ، إِمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِوُجُودِهِ، فَيَجِبُ. أَوْ لَا، فَيَمْتَنِعُ، وَالتَّكْلِيفُ بِهِمَا مُحَالٌ.
ــ
قَوْلُهُ: «لَنَا، إِنْ صَحَّ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ لِغَيْرِهِ، صَحَّ بِالْمُحَالِ لِذَاتِهِ، وَقَدْ صَحَّ ثَمَّ، فَلْيَصِحَّ هُنَا» .
هَذَا حِينَ الشُّرُوعِ فِي تَقْرِيرِ أَدِلَّةِ الْمَسْأَلَةِ، عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي «الْمُخْتَصَرِ»، وَهُوَ أَنَّ الْمُحَالَ لِذَاتِهِ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِهِ.
وَتَقْرِيرُهُ: إِنْ صَحَّ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ لِغَيْرِهِ، كَإِيمَانِ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ، صَحَّ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ لِذَاتِهِ، كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَقَدْ صَحَّ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ لِغَيْرِهِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى تَكْلِيفِ كُلِّ كَافِرٍ بِالْإِيمَانِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَصِحَّ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ لِذَاتِهِ، هَذَا تَقْرِيرُ نَظْمِ الدَّلِيلِ.
قَوْلُهُ: «أَمَّا الْمُلَازَمَةُ» إِلَى آخِرِهِ. هَذَا تَقْرِيرُ مُقَدِّمَاتِ الدَّلِيلِ، وَالْمُلَازَمَةُ، هِيَ كَوْنُ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ مُلَازِمًا لِلْآخَرِ، لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ، فَيُسْتَدَلُّ بِوُجُودِ الْمَلْزُومِ عَلَى وُجُودِ اللَّازِمِ، لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ مَلْزُومٍ لَا لَازِمَ لَهُ. وَهُوَ كَقَوْلِنَا: إِنْ كَانَ هَذَا إِنْسَانًا، فَهُوَ

1 / 229