170

Sharaxa Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Baare

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Daabacaha

مؤسسة الرسالة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

وَأَمَّا الثَّانِي، وَهِيَ شُرُوطُ الْمُكَلَّفِ بِهِ. فَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْحَقِيقَةِ لِلْمُكَلَّفِ، وَإِلَّا لَمْ يَتَوَجَّهْ قَصْدُهُ إِلَيْهِ. مَعْلُومًا كَوْنُهُ مَأْمُورًا بِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ قَصْدُ الطَّاعَةِ وَالِامْتِثَالِ. مَعْدُومًا، إِذْ إِيجَادُ الْمَوْجُودِ مُحَالٌ. وَفِي انْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ حَالَ حُدُوثِ الْفِعْلِ خِلَافٌ، الْأَصَحُّ يَنْقَطِعُ، خِلَافًا لِلْأَشْعَرِيِّ. وَأَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا، إِذِ الْمُكَلَّفُ بِهِ مُسْتَدْعًى حُصُولُهُ، وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ تَصَوُّرَ وُقُوعِهِ، وَالْمُحَالُ لَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ، فَلَا يُسْتَدْعَى حُصُولُهُ، فَلَا يُكَلَّفُ بِهِ، هَذَا مِنْ حَيْثُ الْإِجْمَالِ.
أَمَّا التَّفْصِيلُ: فَالْمُحَالُ ضَرْبَانِ، مُحَالٌ لِنَفْسِهِ، كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، وَلِغَيْرِهِ، كَإِيمَانٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ. فَالْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ التَّكْلِيفِ بِالثَّانِي، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى امْتِنَاعِهِ بِالْأَوَّلِ، لِمَا سَبَقَ، وَخَالَفَ قَوْمٌ، وَهُوَ أَظْهَرُ.
ــ
قَوْلُهُ: «وَأَمَّا الثَّانِي» أَيْ: وَأَمَّا الْبَعْضُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ التَّكْلِيفِ، «وَهِيَ شُرُوطُ الْمُكَلَّفِ بِهِ»، وَهُوَ الْفِعْلُ «فَأَنْ» أَيْ: فَمِنْهَا: أَنْ «يَكُونَ مَعْلُومَ الْحَقِيقَةِ لِلْمُكَلَّفِ وَإِلَّا» أَيْ: لَوْ لَمْ يَعْلَمِ الْمُكَلَّفُ حَقِيقَةَ مَا كُلِّفَ بِهِ «لَمْ يَتَوَجَّهْ قَصْدُهُ إِلَيْهِ» حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ، وَإِذَا لَمْ يَتَوَجَّهْ قَصْدُهُ إِلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ وَجُودُهُ مِنْهُ، لِأَنَّ تَوَجُّهَ الْقَصْدِ إِلَى الْفِعْلِ مِنْ لَوَازِمِ إِيجَادِهِ، فَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ الَّذِي هُوَ الْقَصْدُ، انْتَفَى الْمَلْزُومُ وَهُوَ الْإِيجَادُ.
مِثَالُهُ: أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالصَّلَاةِ، يَجِبُ أَوَّلًا أَنْ يَعْلَمَ حَقِيقَتَهَا، وَأَنَّهَا جُمْلَةُ أَفْعَالٍ، مِنْ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَجُلُوسٍ، يَتَخَلَّلُهَا أَذْكَارٌ مَخْصُوصَةٌ، مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ، مُخْتَتَمَةٌ بِالتَّسْلِيمِ، حَتَّى يَصِحَّ قَصْدُهُ لِهَذِهِ الْأَفْعَالِ، وَيَشْرَعَ فِيهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا حَقِيقَةُ الصَّلَاةِ، لَمْ يَدْرِ فِي أَيِّ فِعْلٍ يَشْرَعُ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَفْعَالِ، فَيَكُونُ تَكْلِيفُهُ بِفِعْلِ مَا لَا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهُ تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَكِنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ.

1 / 221