129

Sharaxa Mukhtasar Rawda

شرح مختصر الروضة

Baare

عبد الله بن عبد المحسن التركي

Daabacaha

مؤسسة الرسالة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م

أَمَّا الْأَوَّلُ، فَفِيهِ مَسَائِلُ: الْأُولَى: مِنْ شُرُوطِ الْمُكَلَّفِ: الْعَقْلُ، وَفَهْمُ الْخِطَابِ. فَلَا تَكْلِيفَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، لِعَدَمِ الْمُصَحِّحِ لِلِامْتِثَالِ مِنْهُمَا، وَهُوَ قَصْدُ الطَّاعَةِ. وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ وَالْغَرَامَاتِ فِي مَالَيْهِمَا، غَيْرُ وَارِدٍ، إِذْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ، كَوُجُوبِ الضَّمَانِ بِبَعْضِ أَفْعَالِ الْبَهَائِمِ. ــ قَوْلُهُ: «أَمَّا الْأَوَّلُ» يَعْنِي الْمُتَعَلِّقَ مِنَ الشُّرُوطِ بِالْمُكَلَّفِ «فَفِيهِ مَسَائِلُ»: «الْأُولَى: مِنْ شُرُوطِ الْمُكَلَّفِ الْعَقْلُ وَفَهْمُ الْخِطَابِ»، أَيْ: يَكُونُ عَاقِلًا يَفْهَمُ الْخِطَابَ، وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْعَقْلِ فَهْمُ الْخِطَابِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا لَا يَفْهَمُ الْخِطَابَ، كَالصَّبِيِّ وَالنَّاسِي وَالسَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، فَإِنَّهُمْ فِي حُكْمِ الْعُقَلَاءِ مُطْلَقًا، أَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَهُمَا لَا يَفْهَمَانِ. قَوْلُهُ: «فَلَا تَكْلِيفَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ» هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ، أَيْ: إِذَا كَانَ الْعَقْلُ وَالْفَهْمُ مِنْ شُرُوطِ الْمُكَلَّفِ، فَلَا تَكْلِيفَ عَلَى صَبِيٍّ، لِأَنَّهُ لَا يَفْهَمُ، وَلَا مَجْنُونٍ، لِأَنَّهُ لَا يَعْقِلُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «لِعَدَمِ الْمُصَحِّحِ لِلِامْتِثَالِ مِنْهُمَا، وَهُوَ قَصْدُ الطَّاعَةِ» . أَيْ: إِنَّ مُقْتَضَى التَّكْلِيفِ: الِامْتِثَالُ، وَهُوَ قَصْدُ الطَّاعَةِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ وَتَرْكِ الْمَنْهِيِّ تَحْقِيقًا لِامْتِحَانِ الْمُكَلَّفِ، كَمَا قَالَ ﷾: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [هُودٍ: ٧] . وَشَرْطُ كَوْنِ الِامْتِثَالِ طَاعَةً، قَصْدُهَا لِلَّهِ ﷾، رَغْبَةً وَرَهْبَةً فِيمَا عِنْدَهُ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، فَهَذَا الْقَصْدُ، هُوَ الْمُصَحِّحُ لِكَوْنِ الِامْتِثَالِ طَاعَةً، وَهُوَ

1 / 180