وأما على الاشتراط عند الوضع في أحدهما دون الآخر فليس له دلالة أصلًا والمنازع مكابر، على أن نفس تركيبهم، وهو قولهم: لا يستقل بالمفهومية لا يستقيم في الإفادة إلا بتحمل عظيم؛ لأن معناه الأصلي: الحرف لا يدُلّ على معناه إلا بذكر متعلقه.
والعبارة الصحيحة فيه: الحرف لا يستقل في الدلالة على مفهومه إلا بالمفهومية، فيحتاج أن يقال: الحرف لا يستقل في الدلالة على شيء ينسب إلى المفهوم، وذلك تمحل لا محالة، والذي ظهر لي في هذا المقام أن الحرف: ما وضع للتعبير عن نسبة كقولك: ﴿﴿من﴾﴾ للابتداء، و﴿﴿إلى﴾﴾ للانتهاء، و﴿﴿على﴾﴾ للاستعلاء، و﴿﴿إن﴾﴾ و﴿﴿أن﴾﴾ للتأكيد، و﴿﴿كأن﴾﴾ للتشبيه، و﴿﴿ليت﴾﴾ للتمني، و﴿﴿لا﴾﴾ للنفي، و﴿﴿الهمزة﴾﴾ للاستفهام وغير ذلك، والمقصود فهمها.
والحرف وصلة وأداة، غير مقصود بنفسه، فإذا قلنا: ﴿﴿خرجت من البصرة﴾﴾ فإنما المقصود بذكر ﴿﴿من﴾﴾ معرفة مبتدأ الخروج لا غير، وهو معنى قولهم: الحرف يدل