٢٧٧ - وعن زياد بن لبيد، قال: ذكر النبي ﷺ شيئًا، فقال: «ذاك عند أوان ذهاب العلم». قلت: يا رسول الله! وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا، ويقرؤه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة؟ فقال: «ثكلتك أمك يا زياد! إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة! أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل لا يعملون بشيء مما فيهما؟!» رواه أحمد، وابن ماجه، وروى الترمذي عنه نحوه [٢٧٧].
٢٧٨ - وكذا الدارمي عن أبي أمامة [٢٧٨].
٢٧٩ - وعن ابن مسعود، قال: قال لي رسول الله ﷺ: «تعلموا العلم
ــ
عود ضررهم فيهم، ويتمكن منهم كل التمكن، و«أديم السماء» وجهه، وكذا «أديم الأرض» وهو صعيدها. وقيل: منه اشتق اسم آدم لكون جسده منه.
الحديث الثامن والعشرون عن زياد: قوله: «شيئًا» التنكير فيه للتهويل، أي شيئًا هائلًا، والواو في: «وكيف» للعطف، أي متى يقع ذلك الهول؟ وكيف يذهب العلم والحال أن القرآن بين الناس مستمر دائم إلى يوم القيامة؟ وعند وجود القرآن كيف يذهب العلم؟ و«إن» في: «وإن كنت لأراك» مخففة من المثقلة، واللام علامة لها، وضمير الشأن محذوف، و«أفقه» ثاني مفعول «أراك» و«من» زائدة في الإثبات، أو متعلقة بمحذوف، أي كائنًا من أفقه رجل، وأضاف أفعل إلى المفر النكرة إرادة للاستغراق.
قوله: «لا يعملون بشيء» حال من فاعل «يقرأون»، يعني يقرأون التوراة والإنجيل غير عاملين بشيء مما فيهما. نزل العالم الذي لم يعمل بعلمه منزلة الجاهل بل هو بمنزلة الحمار الذي يحمل أسفارًا.
الحديث التاسع والعشرون عن ابن مسعود: قوله: «تعلموا العلم» قد مضى شرح ما في معناه في الحديث الخامس والعشرين وما يليه من الفصل الثاني. قوله: «إني امرؤ مقبوض» كقوله تعالى: ﴿قل إنما أنا بشر مثلكم﴾ أي كوني امرأ مثلكم علة لكوني مقبوضًا لا أعيش أبدًا.