264

Sharh Mishkat

شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى ب (الكاشف عن حقائق السنن)

Tifaftire

د. عبد الحميد هنداوي

Daabacaha

مكتبة نزار مصطفى الباز مكة المكرمة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

Goobta Daabacaadda

الرياض

Noocyada

٢١٥ - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: «إن الناس لكم تبع، وإن رجلًا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرًا». رواه الترمذي. [٢١٥].
٢١٦ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «الكلمة الحكمة ضالة
ــ
تغليب للعقلاء على غيرهم واشتراك، فإن الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الغير الدعاء وطلب الخير. وذكر النملة وتخصيصها مشعر بأن صلوتها لحصول البركة النازلة من السماء، فإن دأب النملة القنية وادخار القوت في جحرها، ثم التدرج منها إلى الحيتان، وإعادة كلمة الغاية للترقي، كما مر في الحديث السابق. والله أعلم.
الحديث الثالث عن أبي سعيد: قوله: «إن الناس لكم تبع» أي تابعون، فوضع المصدر موضعه مبالغة، نحو: رجل عدل. «لكم» خطاب للصحابة، يعني الناس يأتونكم من أقطار الأرض وجوانبها، يطلبون العلم منكم بعدي، لأنكم أخذتم أفعالي وأقوالي، واتبعتموني فيهما، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرًا، وأمروهم بالخير، وعظوهم علوم الدين. والاستيصاء قبول الوصية، وبمعنى التوصية أيضًا، ويعدي بالباء، ويقال: استوصيت زيدًا بعمرو خيرًا، أي طلبت زيدًا أن يفعل بعمرو خيرًا. التوربشتي والقاضي: حقيقة «استوصوا» اطلبوا الوصية والنصيحة لهم عن أنفسكم.
وأقول: هو من باب التجريد، أي ليجرد كل واحد منكم شخصًا من نفسه، ويطلب منه التوصية في حق الطالبين ومراعاة أحوالهم. «وإن رجالًا يأتونكم» عطف على «إن الناس»، و«يتفقهون» جملة استئنافية لبيان علة الإتيان، أو حال من الضمير المرفوع في «يأتوكم» وهو أقرب إلى الذوق، يعني حق على جميع الناس في مشارق الأرض ومغاربها متابعتكم، وحق عليهم أن يأتوكم جميعًا، ويأخذوا منكم أمر دينهم، فإذا لم يتمكنوا منه فعليهم أن يستنفروا رجالًا يأتونكم ليتفقهوا في الدين، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم. فالتعريف في «الناس» لاستغراق الجنس، والتنكير في «رجالا» للنوع، أي رجالًا صفت نياتهم، وخلصت عقائدهم، يضربون أكباد الإبل لطلب العلم، وإرشاد الخلق. وفي تصدير الجملة الشرطية بـ «إذا» التحقيقية تحقيق للوعد، وإظهار للإخبار عن الغيب، فيكون معجزة.
الحديث الرابع عن أبي هريرة: قوله «الكلمة الحكمة» «التوربشتي والأشراف»: «الكلمة الحكمة»، ويرى بالإضافة، ويروى «الكلمة الحكيمة» كلها قريب، والمراد بالكلمة الجملة المفيدة، والحكمة التي أحكمت مبانيها بالعلم والعقل، ويدل على معنى فيه دقة، والحكيم المتقن للأمور الذي له غور فيها، وقال مالك- ﵁: الحكمة الفقه في دين الله، وقال العلم الحكمة، ونور يهدي الله به من يشاء، وليس بكثرة المسائل. و«ضالته» أي مطلوبه، أي الحكيم يطلب الحكمة، ربما تكلم بها من ليس لها بأهل، ثم وقعت إلى أهلها، فهو أحق بها

2 / 676