Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Daabacaha
دار المعارف النعمانية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1401هـ - 1981م
Goobta Daabacaadda
باكستان
Noocyada
وثالثها أن النفس إذا كانت عالمة بذاتها وصفاتها كانت عالمة بعلمها بذلك وهلم جرا لا إلى نهاية فيلزم علوم غير متناهية بالفعل وأجيب عن الأول بمنع مقدمات بطلان اللازم وهو مكابرة وعن الأخيرين بأن التغاير الاعتباري كاف والاعتبارات العقلية تنقطع بانقطاع الاعتبار وحاصله أن ليس هناك إلا شيء واحد هو ذلك المجرد المدرك وهو ليس بغائب عن نفسه فمن حيث يعتبر شاهدا يكون عالما ومن حيث يعتبر مشهودا يكون معلوما ومن حيث يعتبر شهودا يكون علما ومرجعه إلى أن وجود الشيء أعني حصوله وحضوره لا يزيد عليه بحسب الخارج ( قال ولما بين صورة الشيء ) إشارة إلى دفع اعتراضات للإمام وغيره منها أن العلم لو كان بحصول الصورة المساوية التي ربما تسمى ماهية الشيء لزم من تصور الحرارة والاستدارة كون القوة المدركة حارة مستديرة وكذا جميع الكيفيات وهو مع ظهور فساده يستلزم اجتماع الضدين كالحرارة والبرودة عند تصورهما وجوابه أن الحار ما قام به هوية الحرارة لا صورته وماهيته وكذا جميع الصفات وفرق ما بينهما ظاهر فإن الهوية جزئية مكفوفة بالعوارض فاعلة للصفات الخارجية والصورة كلية مجردة لا تلحقها الأحكام ولا يترتب عليها الآثار وهذا لا ينافي مساواتها للهوية بمعنى أنها بحيث إذا وجدت في الخارج كانت إياها ثم الماهية والحقيقة كما نطلق على الصورة المعقولة فكذا على الموجود العيني وبهذا الاعتبار يقال تارة من أن المعقول من السماء مساو لماهيتها وتارة أنه نفس ماهيتها فضلا عن المساواة وجواب آخر وهو أن حصول الشيء للشيء يقال لمعان متعددة كحصول المال لصاحبه وبالعكس وحصول السواد للجسم وبالعكس وحصول السرعة للحركة وحصول الصورة للمادة وبالعكس وحصول كل منهما للجسم وبالعكس وحصول الحاضر لما حضر عنده وبالعكس ولزوم الاتصاف إنما هو في حصول العرض بمحله ولا كذلك حصول الحاضر لما حضر عنده وبالعكس ولزوم الاتصاف زائد وهو معلوم لنا بالوجدان ومتحقق كونه حصولا لنا وإن لم نقدر على التعبير عن خصوصيته بغير كونه إدراكا أو علما أو شعورا أو إحاطة بكنه الشيء أو ما يجري مجرى هذه العبارات ولهذا أعني لكون الحصول الإدراكي مغاير الحصول العرضي للمحل المستلزم للاتصاف لا يلزم من إدراك المعاني التي تكون من صفات النفس كالإيمان والكفر والجود والبخل ونحو ذلك اتصاف النفس بها لانتفاء الحصول الاتصافي فكيف يلزم ذلك فيما ليس من شأن النفس الاتصاف بها كالحرارة والاستدارة ونحو ذلك وإنما الكلام في أن الحصول الاتصافي هل يستلزم الحصول الإدراكي حتى يلزم دوام تعقل النفس لصفاتها على ما زعموا ثم أنهم لم يبينوا أن ذلك مبني على أن مجرد الحصول الاتصافي كاف في الادراك النفسي صفاتها أو على أنه مستلزم للحصول الإدراكي والحق أن الكل بوجود غير متأصل هو الصورة وما ذكروا من أنه لو كان كذلك لزم في إدراك النفس لذاتها عدم التمايز بين الصورة وذي الصورة ولصفاتها اجتماع المثلين مدفوع بما مر من التغاير بين الصورة والهوية وبأن التماثل المانع من الاجتماع إنما هو بين الهويتين ولو سلم فبطريق الحصول الاتصافي وبالجملة إذا كان الحصول الإدراكي غير الحصول الاتصافي ولم يتحقق كون الحصول الاتصافي لما من شأنه الإدراك مستلزما للإدراك كان عدم استلزامه فيما ليس من شأنه الإدراك كحصول السواد للحجر أولى فلا يرد ما ذكر الإمام من أن الإدراك إذا كان نفس الحصول كان المدرك هو الذي له الحصول وكان الجسم الحار مدركا للحرارة ومنها أنا نعلم قطعا أن المدرك بالحس أو العقل هو الموجود العيني كهذا السواد وهذا الصوت والإنسان فالقول بأنه مثال وشبح من ذلك الموجود لا نفسه يكون سفسطة والجواب أنه لا نزاع في أن المدرك هو ذلك الموجود لكن إدراكه عبارة عن حصول صورة منه ومثال عند المدرك بحصولها فيه أو في آلته ومنها أنكم تجعلون المدرك للمحسوسات هو النفس أو الحس المشترك مع أن حصول الصورة ليس فيهما بل في الخيال أو غيره من الآلات كالرطوبة الجليدية للمبصرات فلو كان الإدراك هو الحصول لكان المدرك ما فيه الحصول والجواب أنا لا نجعل إدراك المحسوسات هو الحصول في الآلة بل الحصول عند المدرك للحصول في الآلة فلا يلزم ما ذكر وبهذا يندفع اعتراض آخر وهو أنه لو كان مجردا لحضور عند الحس على ما هو المراد بالمشاهدة كافيا في الإدراك لكان الحاضر الذي لا تلتفت إليه النفس مدركا وليس كذلك ومنها أن الصورة العلمية عرض قائم بالنفس وقد جعلتموها مطابقة للموجود العيني الذي ربما يكون جوهرا بل نفس ماهيته وامتناع كون العرض مطابقا للجوهر ونفس ماهيته معلوم بالضرورة وأيضا جعلتموها كلية مع أن كون العرض القائم بالنفس الجزئية جزئيا ضروري وأيضا تجعلون العلم تارة حصول الصورة وتارة نفس الصورة مع ظهور الفرق بينهما والجواب أن الممتنع هو كون الشيء الواحد باعتبار واحد جوهرا وعرضا أو كليا وجزئيا وما عند اختلاف الاعتبار فلا فإن كون الصورة العقلية عرضا من حيث كونها في الحال قائمة بالموضوع الذي هو النفس لا ينافي كونها جوهرا من حيث أنها ماهية إذا وجدت في الخارج كانت لا في موضوع وإنما المستحيل كون الشيء جوهرا وعرضا في الخارج بمعنى كونها ماهية إذا وجدت في الخارج كانت في موضوع ولا في موضوع وكذا كونها جزئية من حيث قيامها بالنفس الجزئية لا ينافي كليتها من حيث مطابقتها للأفراد الكثيرة بمعنى أن الحاصل في العقل من كل منها عند التجرد عن العوارض يكون تلك الصورة بعينها ثم نسبة الحصول إلى الصورة في العقل نسبة الوجود إلى الماهية في الخارج فكما أنه ليس للماهية تحقق في الخارج ولعارضها المسمى بالوجود تحقق آخر حتى يجتمعا اجتماع القابل والمقبول كذلك ليس للصورة تحقق في العقل ولعارضها المسمى بالحصول تحقق آخر وإنما الزيادة بمعنى أن المفهوم من هذا غير المفهوم من ذاك فبهذا الاعتبار يصح جعل العلم تارة نفس الصورة وتارة حصولها فإن قيل لا ارتياب في أن العلم عرض موجود في الخارج لمعنى حصوله في النفس حصولا متأصلا موجبا للاتصاف كسائر صفات النفس والصورة ليست كذلك إذ لا حصول لها إلا في النفس وحصولها فيها ليس حصولا اتصافيا مثل حصول العرض في المحل على ما سبق قلنا لا كلام في قوة هذا الإشكال بل أكثر الإشكالات الموردة على كون الإدراك صورة وغايتها يمكن أن يقال أن الصورة قد تؤخذ من حيث أن الحصول نفسها فتكون عرضا قائما بالنفس حاصلا لها حصولا متأصلا اتصافيا فيكون موجودا عينيا كسائر صفاتها وقد تؤخذ من حيث أن الحصول غيرها فيكون صورة وماهية للموجود العيني الذي ربما يكون من الجواهر فلا تتصف النفس بها ولا هي تحصل للنفس حصولا متأصلا وهي بهذا الاعتبار مفهوم لا تحقق له إلا في الذهن وإطلاق المعلوم عليها تجوز لأن المعلوم ما له صورة في العقل لا نفس الصورة نعم قد يستأنف لها تعقل وتلحقها أحكام وعوارض لا يحاذى بها أمر في الخارج هي المسماة بالمعقولات الثانية وبهذا الاعتبار يصح جعل الكلية من عوارض المعلوم كما يجعل من عوارض المفهوم وأما المعلوم الذي هو ما له الصورة أعني الموجود العيني فلا يتصف بالكلية إلا بمعنى أن الحاصل منه في العقل كلي ذكر في المواقف عن الحكماء أن الموجود في الذهن هو العلم والمعلوم وأن معنى كون الإنسان كليا هو أن الصورة الحاصلة منه في العقل المجردة عن المشخصات كلية أو أن المعلوم بها كلي ثم قال وهذا إنما يصح على رأي من يجعل العلم والمعلوم هي الصورة الذهنية أو يجعل للأمور المتصورة ارتساما في غير العقل وإلا لكان للمعلوم حصول في الخارج فيكون جزئيا لا كليا وأنت خبير بأنه إذا أريد بالمعلوم الصورة الذهنية لم يكن بين الوجهين فرق ولا لقوله بها معنى ( قال والمتكلمون ) يعني أن من لم يقل بالوجود الذهني وحصول الصورة جعل العلم إما مجرد إضافة وتعلق بين العالم والمعلوم وإما صفة لها تلك الإضافة فالصفة العلم والإضافة العالمية وأثبت القاضي وراء العلم والعالمية إضافة إما لأحدهما فيكون هناك ثلاثة أمور ولكل منهما فتكون أربعة وعلى هذا قياس سائر الإدراكات فإن أورد عليهم علم الشيء بنفس ذاته فإن التعلق لا يتصور إلا بين شيئين أجيب بأن التغاير الاعتباري كاف على ما مر في حصول الشيء للشيء نعم يرد عليهم العلم بالمعدومات من الممكنات ككثير من الأشكال الهندسية والممتنعات كالمفروضات التي يبين بها الخلف فإنه لا تحقق لها في الخارج وإذا لم تتحقق في الذهن أيضا لم تتصور الإضافة بينهما وبين العالم وما يقال من إمكان تحققها قائمة بأنفسها على ما هو رأي أفلاطون أو بغيرها من الأجرام الغائبة عنا فضروري البطلان في الممتنعات لا يقال غاية ما في الباب إثبات الصورة الذهنية في العلم بالمعدومات قلنا الإدراك معنى واحد لا يختلف إلا بالإضافة إلى المدرك والمدرك فإن علم أنه غير نفس الإضافة في موضع علم كونه كذلك مطلقا فإن قيل العلم بالمعدومات وارد على القول بالصورة أيضا لأن الصورة إنما تكون لذي الصورة لا للعدم المحض فإما أن تكون في الخارج فلا تكون معدوما والكلام فيه أو في الذهن فيكون فيه من المعدوم أمر هو الصورة وأمر آخر له الصورة وهو باطل لم يقل به أحد قلنا ليس في الذهن إلا أمر واحد هو الصورة ومعنى كونها صورة للمعدوم أنها بحيث لو أمكن في الخارج تحققها وتحقق ذلك المعدوم لكانت إياه ثم أنها من حيث قيامها بالذهن وحصولها فيه علم تتصف به النفس ومن حيث ذاتها وماهيتها العقلية أعني مع قطع النظر عن قيامها بالذهن معلوم له وجود غير متأصل وهذا بخلاف الموجود فإن العلم ما في الذهن والمعلوم ما في الخارج كما مر وبهذا يندفع إشكال آخر وهو أنهم صرحوا بأن الصورة إنما تكون علما إذا كانت مطابقة للخارج وذلك لأن هذا إنما هو في صور الأعيان الخارجية وأما المعدومات من الاعتباريات وغيرها فمعنى مطابقتها ما ذكرنا هذا وفي بعض المواضع من كلام ابن سينا اعتراف بأن العلم بالممتنعات ليس حصول الصورة لأنه ذكر في الشفاء أن المستحيل لا يحصل له صورة في العقل ولا يمكن أن يتصور شيء هو اجتماع النقيضين بل تصور المستحيل إنما يكون على سبيل التشبيه بأن يعقل بين السواد والحلاوة أمر هو الاجتماع ثم يقال مثل هذا الأمر لا يمكن بين السواد والبياض أو على سبيل النفي بأن يحكم العقل بأنه لا يمكن أن يوجد مفهوم هو اجتماع السواد والبياض وعلى هذا حمل صاحب المواقف كلام أبي هاشم حيث جعل العلم بالمستحيل علما لا معلوم له بناء على أن المعلوم شيء والمستحيل ليس بشيء وحينئذ لا يرد اعتراض الإمام بأنه تناقض إذ لا معنى للمعلوم سوى ما تعلق به العلم ولا يحتاج إلى ما ذكره الآمدي من أن له أن يصطلح على أن المعلوم ما تعلق به العلم بالأشياء ( قال المبحث الثاني ) الإحساس إدراك للشيء الموجود في المادة الحاضرة عند المدرك على هيئات مخصوصة به محسوسة من الابن والوضع ونحو ذلك والتخيل إدراك لذلك الشيء مع الهيئات المذكورة ولكن في حالتي حضوره وغيبته والتوهم إدراك لمعان غير محسوسة من الكيفيات والإضافات مخصوصة بالشيء الجزئي الموجود في المادة والتعقل إدراك للشيء من حيث هو هو فقط لا من حيث شيء آخر سواء أخذ وحده أو مع غيره من الصفات المدركة هذا النوع من الإدراك فالإحساس مشروط بثلاثة أشياء حضور المادة واكتناف الهيئات وكون المدرك جزئيا والتخيل مجرد عن الشرط الأول والتوهم مجرد عن الأولين والتعقل مجرد عن الجميع بمعنى أن الصورة تكون مجردة عن العوارض المادية الخارجية وإن لم يكن بد من الاكتناف بالعوارض الذهنية مثل تشخصها من حيث حلولها في النفس الجزئية ومثل عرضيتها وحلولها في تلك النفس ومقارنتها لصفات تلك النفس وفي كون هذه من العوارض الذهنية كلام عرفته في بحث الماهية ( قال وعند الشيخ أبي الحسن الأشعري الإحساس بالشيء علم به ) فالإبصار علم بالمبصرات والسماع علم بالمسموعات وهكذا البواقي ورده الجمهور بأنا نجد فرقا ضروريا بين العلم التام بهذا اللون وبين إبصاره وهكذا بين العلم بهذا الصوت وسماعه وبين العلم بهذه الرايحة وشمها إلى غير ذلك وأجيب بأنا لا نسلم أن ما يتعلق به الإحساس يمكن تعلق العلم به بطريق آخر ولو سلم فيجوز أن يكونا علمين متخالفين بالماهية أو الهوية وفيه ضعف أما أولا فلأن إمكان تعلق علم آخر به ضروري كيف وأنا نحكم عليه عند عدم الإحساس أيضا وأما ثانيا فلأن مقصود الجمهور نفي أن تكون حقيقة إدراك الشيء بالحس هي حقيقة إدراكه المسمى بالعلم بحيث لا يتفاوت إلا في طريق الحصول كما في العلم بالشيء بطريق الاستدلال أو الإلهام أو الحدس وأما بعد تسليم كونهما نوعين مختلفين من الإدراك فيصير البحث لفظيا مبنيا على أن العلم اسم لمطلق الإدراك أو لنوع منه والحق أن إطلاقه على الإحساس مخالف للعرف واللغة فإنه اسم لغيره من الإدراكات وقد يخص بإدراك الكلي أو إدراك المركب فيسمى إدراك الجزئي أو إدراك البسيط معرفة وقد يخص العلم بأحد أقسام التصديق أعني اليقين منه وهو ما يقارن الجزم والمطابقة والثبات فيسمى غير الجازم ظنا وغير المطابق جهلا مركبا وغير الثابت اعتقاد المقلد وقد لا يعتبر في الإعتقاد المطابقة فينقسم إلى الصحيح والفاسد وقد يطلق على مطلق التصديق فيعم العلم وغيره وقد يراد بالظن ما ليس بيقين فيعم الظن الصرف والجهل المركب واعتقاد المقلد ثم ظاهر عبارة البعض أن اليقين يقارن الحكم بامتناع النقيض والظن الصرف يقارن الحكم بإمكان النقيض وإن كان مرجوحا لكن التحقيق هو أن المعتبر في اليقين أن يكون بحيث لو أخطر النقيض بالبال لحكم بامتناعه وفي الظن أنه لو أخطر لحكم بإمكانه حتى أن كلا منهما اعتقاد بسيط لا يتركب عن حكمين وأعترض على اعتبار الثبات في اليقين بأنه إن أريد به عسر الزوال فربما يكون اعتقاد المقلد كذلك وإن أريد امتناع الزوال فاليقين من النظريات قد يذهل الذهن عن بعض مباديه فيشك فيه بل ربما يحكم بخلافه والجواب أنه إن أريد بالذهول مجرد عدم الحضور بالفعل عند العقل فإمكان طريان الشك حينئذ ممنوع وإن أريد الزوال بحيث يفتقر إلى تحصيل واكتساب فلا يقين حينئذ بالحكم النظري ونحن إنما نحكم بامتناع الشك في اليقين ما دام يقينا فالتصديق على ما ذكرنا ينحصر في العلم والجهل المركب والاعتقاد الصحيح والظن لأن غير الجازم لا بد أن يكون راجحا لأنه أقل مراتب الحكم أعني قبول النفس وإذعانها لوقوع النسبة أو لا وقوعها وما ذكر الإمام وجمع من المتأخرين أن غير الجازم إما أن يكون راجحا فظن أو مساويا فشك أو مرجوحا فوهم محل نظر لأن الشك تردد في الوقوع واللاوقوع والوهم ملاحظة للطرف المرجوح وكلاهما تصور لا حكم معه أصلا فإن قيل المراد بالشك الحكم بتساوي الطرفين عند العقل قلنا هذا تصديق بكون أحد الأقسام الأربعة بمنزلة قولك أنا شاك في كذا ( قال والذهول ) يشير إلى الفرق بين السهو والنسيان وقد لا يفرق بينهما ونسبتهما إلى العلم نسبة الموت إلى الحياة بمعنى أنهما عدم ملكة للعلم مع خصوصية قيد الطريان والشك عدم ملكة للعلم التصديقي فيكون جهلا بسيطا بالنظر إليه وإن كان علما من حيث التصور وأما الجهل المركب أعني الإعتقاد الجازم الغير المطابق ويسمى مركبا لأنه جهل بما في الواقع مع الجهل بأنه جاهل به فمضاد للعلم لصدق حد الضدين عليهما لكونهما معنيين يستحيل اجتماعهما لذاتهما ولكونهما متقابلين وجوديين ليس تعقل أحدهما بالقياس إلى تعقل الآخر وقالت المعتزلة هما متماثلان لأن الحقيقة واحدة والاختلاف إنما هو بالعارض أما أولا فلأنهما لا يختلفان إلا بمطابقة الواقع ولا مطابقته وذلك خارج لأن النسبة لا تدخل في حقيقة المنتسبين والاختلاف بالخارج لا يوجب الاختلاف بالذات وأما ثانيا فلأن من اعتقد أن زيدا في الدار طول النهار وقد كان فيها إلى الظهر ثم خرج كان له اعتقاد واحد مستمر لا اختلاف في ذاته مع أنه كان علما ثم صار جهلا والجواب أن المطابقة واللامطابقة أخص صفات النفس للعلم والجهل فالاختلاف فيه يستلزم الاختلاف في الذات وظاهره معارضة ويمكن تنزيله على المنع أي لا نسلم أن الاختلاف بالعارض لا يوجب الاختلاف بالذات وإنما يكون كذلك لو لم يكن لازما ولا نسلم أن الذات واحدة بل الاعتقادات على التجدد فما دام زيد في الدار فالمتجدد علم وحين خرج فجهل ( قال المبحث الثالث العلم ) إما قديم لا يسبقه العدم وهو علم الله تعالى وإما حادث يسبقه العدم فهو علم المخلوق ومراتب الحادث ثلاث
الأولى ما يكون بالقوة المحضة وهو الاستعداد للعلم وحصوله للضروريات يكون بالحواس الظاهرة والباطنة كما يستفاد من حس اللمس أن هذه النار حارة فتستعد النفس للعلم بأن كل نار حارة وعلى هذا القياس وللنظريات يكون بالضروريات بأن يرتب فيكتسب النظري
والثانية العلم الإجمالي كمن علم مسألة فغفل عنها ثم سئل فإنه يحضر الجواب في ذهنه دفعة من غير تفصيل وحقيقته حالة بسيطة إجمالية هي مبدأ تفاصيل المركب
Bogga 231