Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Daabacaha
دار المعارف النعمانية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1401هـ - 1981م
Goobta Daabacaadda
باكستان
Noocyada
الثالث إنه لو كان جسما ولا خفاء في أنه محسوس بالبصر لكان ساترا للجسم الذي يحيط به الضوء فكان الأكثر ضوءا أشد استنارا والواقع خلافه ولو سلم عدم لزوم الاستنار فلا خفاء في أنه مرئي حائل في الجملة فيلزم أن يكون الأكثر ضوءا أقل ظهورا وأصعب رؤية لا أن يكون اعون على إدراك الباصرة السليمة نعم ربما يستعان بالحائل على إبصار الخطوط الدقيقة عند ضعف في الباصرة بحيث يحتاج إلى ما يجمع القوة وقد يجاب بأن ذلك إنما هو شأن الأجسام الكثيفة لا الشفافة وإما هذا النوع من الأجسام فإحاطته بالمرئي شرط للرؤية قال المبحث الخامس الحق أن الضوء كيفية مغايرة للون وليس عبارة عن ظهور اللون على ما يراه بعض الحكماء وأنه شرط لرؤية اللون لا لوجوده على ما يراه ابن سينا ولا تمسك لهما يعتد به فيما ادعيا كيف وأنه قريب من إنكار الضروريات وما ذكره الإمام الرازي من أن قبول الجسم للضوء مشروط بوجود اللون فلو كان وجود اللون مشروطا بوجود الضوء لزم الدور ضعيف لأنه إن أراد بالمشروحة توقف السبق فممنوع أو المعية فغير محال على أنه قد صرح بوجود الضوء بدون اللون كما في البلور المرئي بالليل قال النوع الثالث من الكيفيات المحسوسة المسموعات وهي الأصوات والحروف والصوت عندنا يحدث بمحض خلق الله تعالى من غير تأثير لتموج الهواء والقرع والقلع كسائر الحوادث وكثيرا ما تورد الآراء الباطلة للفلاسفة من غير تعرض لبيان البطلان إلا فيما يحتاج إلى زيادة بيان والصوت عندهم كيفية تحدث في الهواء بسبب تموجه المعلول للقرع الذي هو إمساس عنيف والقلع الذي هو تفريق عنيف بشرط مقاومة المقروع للقارع والمقلوع للقالع كما في قرع الماء وقلع الكرباس بخلاف القطن لعدم المقاومة والمراد بالتموج حالة مشبهة بتموج الماء تحدث بصدم بعد صدم مع سكون بعد سكون وليس الصوت نفس التموج أو نفس القرع والقلع على ما توهمه بعضهم بناء على اشتباه الشيء بسببه القريب أو البعيد لأن التموج والقرع والقلع ليست من المسموعات قطعا بل ربما يدرك الأول باللمس والآخران بالبصر وقد يتوهم أنه لا وجود للصوت في الخارج وإنما يحدث في الحس عند وصول الهواء المتموج إلى الصماخ واستدل على بطلان ذلك بأنه لو لم يوجد إلا في الحس لما أدرك عند سماعه جهته وحده من القرب والبعد لأن التقدير إنه لا وجود له في مكان وجهة خارج الحس واللازم باطل قطعا لأنا إذا سمعنا الصوت نعرف أنه وصل إلينا من جهة اليمين أو اليسار ومن مكان قريب أو بعيد لا يقال يجوز أن يكون إدراك الجهة لأجل أن الهواء المتموج يجيء منها ويميز القريب والبعيد لأجل أن أثر القارع القريب أقوى من البعيد وإن لم يكن الصوت موجودا في الجهة والمسافة لأنا نقول لو صح الأول لما أدركت الجهة التي على خلاف الأذن السامعة وليس كذلك لأن السامع قد يسد أذنه اليمنى ويجيء الصوت من يمينه فيسمعه بأذنه اليسرى ويعرف أنه جاء من يمينه مع القطع بأن الهواء المتموج لا يصل إلى اليسرى الا بعد الانعطاف عن اليمين ولو صح الثاني لزم أن يشتبه القوة والضعف بالقرب والبعد فلم يميز بين البعيد القوي والقريب الضعيف وظن في الصورتين المتساويتين في القرب والبعد المختلفتين بالقوة والضعف أنهما مختلفان في القرب والبعد وليس كذلك ولهم تردد في مقام آخر وهو أنه إذا وصل الهواء المتموج إلى الصماخ فالمسموع هو الصوت القائم بالهواء الواصل فقط أو بالهواء الخارج أيضا والحق هو الأخير بدليل إدراك جهة الصوت وحده من القرب والبعد فإنه لو لم يقع الإحساس به إلا من حيث أنه في الهواء الواصل إلى الصماخ دون الخارج الذي هو مبدأ حدوث الصوت أو وسطه لم يكن عند الحس فرق بين هذا وبين ما إذا لم يوجد خارج الصماخ إصلا فلم يعرف جهته ولا قربه أو بعده كما أن اللمس لما لم يدرك الملموس إلا من حيث انتهى إليه لا من حيث أنه في أول المسافة لم يميز بين وروده من اليمين أو اليسار ومن القريب أو البعيد فظهر أن في معرفة جهة الصوت وحده من القرب والبعد دلالة على مطلوبين من جهة أنها تدل على أن القائم بالهواء الخارج من الصماخ أيضا مسموع وذلك يدل على أنه هناك موجود وهذا ما قال الإمام أن التمييز بين الجهات والقريب والبعيد من الأصوات لما كان حاصلا علمنا أنا ندرك الأصوات الخارجية حيث هي ولا يمكننا أن ندركها حيث هي إلا وهي موجودة خارج الصماخ وما أورد من الأشكال وهو أن المدرك بالسمع لما لم يكن إلا الصوت دون الجهة لم يكن كون الصوت حاصلا في تلك الجهة مدركا له بل مدركة الصوت الذي في تلك الجهة لا من حيث هو في تلك الجهة بل من حيث أنه صوت فقط وهذا لا يختلف باختلاف الجهات فكيف يوجب إدراك الجهة ليس بشيء لأنهم لا يجعلون كون الصوت في تلك الجهة مدركا بالسمع إلا بمعنى إنا نعرف بسماع الصوت في تلك الجهة أنه هناك كما نعرف بذوق الحلاوة أو شم الرائحة من هذا الجسم أنها منه وإن لم يكن الجسم من المذوقات أو المشمومات وأما السبب في ذلك فحاصل ما ذكروا فيه أنا بعدما أدركنا الصوت عند الصماخ نتبعه بتأملنا فيتأدى إدراكنا من الذي يصل إلينا إلى ما قبله فما قبله من جهته ومبدأ وروده فإن كان بقي منه شيء متأديا أدركناه إلى حيث ينقطع ويفنى وح بدرك لوارد وموروده وما بقي منه موجود أو جهته وبعد مورده وقربه وما بقي من قوة أمواجه وضعفها ولذلك يدرك البعيد ضعيفا لأنه يضعف تموجه حتى لو لم يبق في المسافة أثر ينتهي بنا إلى المبدأ لم يعلم من قدر البعد إلا بقدر ما بقي قال ويدل على كون إدراكه بوصول الهواء
رأى الفلاسفة أنه إذا وجد سبب الصوت في موضع تكيف هواء ذلك الموضع بذلك الصوت ثم المجاور فالمجاور في جميع الجهات إلى حد ما بحسب شدة الصوت وضعفه ولا يسمعه إلا المسامع التي تقع في تلك المسافة ويصل إليها ذلك الهواء وتمسكوا بوجوه
الأول أن الصوت يميل مع هبوب الريح ولا يسمعه من كان الهبوب من جهته لعدم وصول الهواء إلى صماخه فلو لم يكن الهواء حاملا له ولم يتوقف السماع على وصول ذلك الهواء لما كان كذلك .
الثاني أن من وضع طرف أنبوبة في فمه وطرفها الآخر في صماخ إنسان وتكلم منها بصوت عال سمعه ذلك الإنسان دون غيره من الحاضرين وما ذلك إلا بمنع الأنبوبة وصول الهواء الحامل للصوت إلى أصمختهم
Bogga 217