Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Daabacaha
دار المعارف النعمانية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1401هـ - 1981م
Goobta Daabacaadda
باكستان
Noocyada
( 6 ) إن من الشروط ما هو عدمي كعدم المانع فإذا كان من جملة العلة الفاعلية لزم استناد وجود المعلول إلى العلة المعدومة ضرورة انعدام الكل بانعدام الجزء وهو باطل لأن امتناع تأثير المعدوم في الموجود ضروري ولأنه يلزم انسداد باب إثبات الصانع والجواب أن المؤثر في وجود المعلول ليس هو العلة الفاعلية بجملتها بل ذات الفاعل فقط وسائر ما يرجع إلى الفاعل إنما هي شرائط التأثير ولا امتناع في استناد المعلول إلى فاعل موجود مقرون بأمور عدمية بمعنى أن العقل إذا لاحظه حكم بأنه لا يحصل بدونها مع القطع بأن الموجد هو الفاعل الموجود وحينئذ لا ينسد باب إثبات الصانع لأن وجود الممكن يحتاج إلى وجود موجد وإن كان مقرونا بشرائط عدمية وقد يجاب بأن الشرط إنما هو أمر وجودي خفي وذلك الأمر العدمي الذي يظن كونه شرطا لازم له كاشف عنه مثلا شرط احتراق الخشبة ليس بزوال الرطوبة وانعدامها بل وجود اليبوسة الذي ينبىء عنه زوال الرطوبة وكذا سائر الصور فإن قيل نفس عدم الحادث من مبادي وجوده لافتقاره إلى الفاعل المقارن له قلنا الاحتياج إلى الشيء لا يقتضي الاحتياج إلى ما يقارنه ولهذا كان تقدم عدم الحادث على وجوده زمانيا محضا لا ذاتيا وكيف يعقل احتياج وجود الشيء إلى عدمه فهو ليس من المبادي إلا بالعرض بمعنى أنه يقارن المبدأ قال ثم جميع ما يحتاج إليه الشيء يسمى علة تامة العلة إما تامة هي جميع ما يحتاج إليه الشيء بمعنى أنه لا يبقى هناك أمر آخر يحتاج إليه لا بمعنى أن تكون مركبة من عدة أمور البتة وإما ناقصة هي بعض ذلك والتامة قد تكون هي الفاعل وحده كالبسيط الموجد للبسيط أيجابا وقد تكون هي مع الغاية كالبسيط الموجد للبسيط اختيارا فإن فعل المختار قد يكون لغرض يدعو إليه وقد يكون هومع المادة والصورة أيضا كالموجد للمركب عنهما أما الغاية أو بدونها وإذا كانت العلة التامة مشتملة على المادة والصورة يمتنع تقدمها على المعلول واحتياج المعلول إليها ضرورة أن جميع أجزاء الشيء نفسه وإنما التقدم لكل جزء منها فما يقال من أن العلة يجب تقدمها على المعلول ليس على إطلاقه بل العلة الناقصة أو التامة التي هي الفاعل وحده أو مع الشرط والغاية قال وكل من الأربع يعني أن كلا من العلل الأربع ينقسم باعتبار إلى بسيطة ومركبة وباعتبار إلى كلية وجزئية وباعتبار إلى ذاتية وعرضية وباعتبار إلى قريبة وبعيدة وباعتبار إلى عامة وخاصة وباعتبار إلى مشتركة ومختصة وباعتبار إلى ما بالقوة وإلى ما بالعفل قال المبحث الثاني يجب وجود المعلول يعني إذا وجد الفاعل بجميع جهات التأثير من الشرط والآلة والقابل يجب وجود المعلول إذ لو جاز عدمه لكان وجوده بعد ذلك ترجحا بلا مرجح لأن التقدير حصول جميع جهات التأثير من غير أن يبقى شيء يوجب الترجح وإذا وجد المعلول يجب وجود الفاعل بجميع جهات التأثير لأن الاحتياج إلى المؤثر التام من لوازم الإمكان والإمكان من لوازم المعلول فلو لم يجب وجود المؤثر التام عند وجود المعلول لزم جواز وجود الملزوم بدون اللازم هف وإذا كان بين المؤثر التام ومعلوله تلازم في الوجود لم يكن للمؤثر تقدم عليه بالزمان بل بالذات بمعنى الاحتياج إليه بحيث يصح أن يقال وجد المؤثر فوجد الأثر من غير عكس فإن قيل لو صح هذا لما جاز استناد الحادث إلى القديم لتأخره عنه بالزمان قلنا من جملة جهات تأثير القديم في الحادث شرط حادث يقارن الأثر الحادث كتعلق الإرادة عندنا والحركات والأوضاع عند الفلاسفة فيكون التقدم بالزمان لذات الفاعل ولا نزاع فيه لا للفاعل مع جميع جهات التأثير فإن قيل الضرورة قاضية بأن إيجاد العلة للمعلول لا يكون إلا بعد وجودها ووجود المعلول أما مقارن للإيجاد أو متأخر عنه فيكون متأخرا عن وجود العلة غاية الأمر أن يكون عقيبه من غير تخلل زمان لئلا يلزم الترجح بلا مرجح قلنا كون الإيجاد بعد وجود العلل مع جميع جهات التأثير بعدية زمانية ممنوع قال فعدم المعول يعني لما ثبت أنه كلما وجدت العلة بجميع جهات التأثير وجد المعلول لزمه بحكم عكس النقيض أنه كلما انتفى المعلول انتفت العلة إما بذاتها أو ببعض جهات تأثيرها وأكد الحكم بقوله ولو في غير القار لأنه قد يتوهم أن الإعراض الغير القارة كالحركة والزمان قد ينعدم أجزاؤها مع بقاء العلة بتمامها لكونها بحسب ذاتها على التجدد والانصرام بمعنى أن ذاتها تقتضي عدم كل جزء بعد الوجود وإن بقيت علته وستطلع على حقيقة الحال في بحث الحركة فإن قيل كل من العدمين نفي محض لا ثبوت له فكيف يكون أثرا أو مؤثرا قلنا بل عدم مضاف لا يمتنع كون أحدهما محتاجا والآخر محتاجا إليه وهذا معنى المعلولية والعلية ههنا لا التأثر والتأثير وإذا ثبت أن وجود الممكن يفتقر إلى وجود علته وعدمه إلى عدم علته ظهر أن الفاعل في طرفي الممكن أعني وجوده وعدمه واحد يجب بوجوده وجوده وبعدمه عدمه أما عدمه السابق فبعدمه السابق بمعنى أن عدم حدوث الحادث محتاج إلى عدم حدوث فاعله بجميع جهات التأثير وإما عدمه اللاحق فبعدمه اللاحق يعني أن زوال وجوده يحتاج إلى زوال وجود الفاعل بجميع جهات التأثير فإن قيل ما ذكرتم من انعدام المعلول عند انعدام العلة باطل لما نشاهد من بقاء الابن بعد الأب والبناء بعد البناء وسخونة الماء بعد النار قلنا ذاك في العلل المعدة وكلامنا في العلل المؤثرة فالأب بالنسبة إلى الابن ليس إلا معدا للمادة لقبول الصورة وإنما تأثيره في حركات وأفعال تقتضي إلى ذلك وتنعدم بانعدام قصده ومباشرته وعلى هذا قياس سائر الأمثلة فإن البناء إنما يؤثر في حركات تفضي إلى ضم أجزاء البناء بعضها إلى البعض ووجوده إنما هو أثر التماسك المعلول بيبس العنصر هذا على رأي الفلاسفة وإما على رأي القائلين باستناد الكل إلى الواجب بطريق الاختيار وتعلق الإرادة فالأمر بين قال والمؤثر يريد أن ما يفيد وجود الشيء قد يفيد بقاءه من غير افتقار إلى أمر آخر كالشمس تفيد ضوء المقابل وبقاءه وقد يفتقر البقاء إلى أمر آخر وهذا ما يقال إن علة الحدوث غير علة البقاء كمماسة النار يفيد الاشتعال ثم يفتقر بقاء الاشتعال إلى استدامة المماسة واستمرارها بتعاقب الأسباب ( قال المبحث الثالث وحدة المعلول ) يريد أن الواحد الشخصي لا يكون معلولا لعلتين تستقل كل منهما بإيجاده خلافا لبعض المعتزلة والواحد من جميع الوجوه لا يلزم أن يكون معلوله واحدا بل قد يكون كثيرا خلافا للفلاسفة حيث ذهبوا إلى أن الواحد المحض من غير تعدد شروط والآت واختلاف جهات واعتبارات لا يكون علة إلا لمعلول واحد أما الأول وهو امتناع اجتماع العلتين المستقلتين على معلول واحد فلوجهين
( 1 ) أنه يلزم احتياجه إلى كل من العلتين المستقلتين لكونهما علة واستغناؤه عن كل منهما لكون الأخرى مستقلة بالعلية .
Bogga 155