299

Sharh Maqasid

شرح المقاصد في علم الكلام

Daabacaha

دار المعارف النعمانية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1401هـ - 1981م

Goobta Daabacaadda

باكستان

الأول ما ثبت بالنص من قصة مريم عند ولادة عيسى عليه السلام وأنه كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزما قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله وقصة أصحاب الكهف ونومهم في الكهف سنين بلا طعام وشراب وقصة آصف وإتيانه بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف فإن قيل كان الأول إرهاصا لنبوة عيسى أو معجزة لزكريا والثاني لمن كان نبيا في زمن أصحاب الكهف والثالث لسليمان صلى الله عليه وسلم قلنا سياق القصص يدل على أن ذلك لم يكن لقصد تصديقهم في دعوى النبوة بل لم يكن لزكريا علم بذلك ولذا سأل ونحن لا ندعي إلا جواز ظهور الخوارق من بعض الصالحين غير مقرونة بدعوى النبوة ولا مسوقة لقصد تصديق نبي ولا يضرنا تسميته إرهاصا أو معجزة لنبي هو من أمته على أن ما ذكرتم يرد على كثير من معجزات الأنبياء لجواز أن يكون معجزة لنبي آخر

والثاني ما تواتر معناه وإن كانت التفاصيل آحادا من كرامات الصحابة والتابعين ومن أبعدهم من الصالحين كرؤية عمر رضي الله عنه على المنبر جيشه بنهاوند حتى قال يا سارية الجبل الجبل وسمع سارية ذلك وكشرب خالد رضي الله تعالى عنه السم من غير أن يضر به وإما من علي رضي الله تعالى عنه فأكثر من أن تحصى وبالجملة وظهور كرامات الأولياء يكاد يلحق بظهور معجزات الأنبياء وإنكارها ليس بعجيب من أهل البدع والأهواء إذ لم يشاهدوا ذلك من أنفسهم قط ولم يسمعوا به من رؤسائهم الذين يزعمون أنهم على شيء مع اجتهادهم في أمور العبادات واجتناب السيئات فوقعوا في أولياء الله تعالى أصحاب الكرامات يمزقون أديمهم ويمضغون لحومهم لا يسمونهم إلا باسم الجهلة المتصوفة ولا يعدونهم إلا في عداد آحاد المبتدعة قاعدين تحت المثل السائر أوسعتهم سبا وأوردوا بالإبل ولم يعرفوا أن مبنى هذا الأمر على صفاء العقيدة ونقاء السريرة واقتفاء الطريقة واصطفاء الحقيقة وإنما العجب من بعض فقهاء أهل السنة حيث قال فيما روي عن إبراهيم بن أدهم أنهم رأوه بالبصرة يوم التروية وفي ذلك اليوم بمكة أن من اعتقد جواز ذلك يكفر والإنصاف ما ذكره الإمام النسفي حين سئل عما يحكى أن الكعبة كانت تزور واحدا من الأولياء هل يجوز القول به فقال نقض العادة على سبيل الكرامة لأهل الولاية جائز عند أهل السنة وللمخالف وجوه

الأول وهو العمدة أنه لو ظهرت الخوارق من الولي لالتبس النبي بغيره إذ الفارق هو المعجزة ورد بما مر من الفرق بين المعجزة والكرامة

الثاني أنها لو ظهرت لكثرت كثرة الأولياء وخرجت عن كونها خارقة للعادة هق ورد بالمنع بل غايته استمرار نقض العادة

الثالث لو ظهرت لا لغرض التصديق لانسد باب إثبات النبوة بالمعجزة لجواز أن يكون ما يظهر من النبي لغرض آخر غير التصديق ورد بما مر من أنها عند مقارنة الدعوى تفيد التصديق قطعا

الرابع أن مشاركة الأولياء للأنبياء في ظهور الخوارق تخل بعظم قدر الأنبياء ووقعهم في النفوس ورد بالمنع بل يزيد في جلالة أقدارهم والرغبة في اتباعهم حيث نالت أممهم وأتباعهم مثل هذه الدرجة ببركة الاقتداء بشريعتهم والاستقامة على طريقتهم

Bogga 204