Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Daabacaha
دار المعارف النعمانية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1401هـ - 1981م
Goobta Daabacaadda
باكستان
Noocyada
والثالث الإمساك عن القوة مدة غير معتادة وليس ببعيد كما في بعض الأمراض لاشتغال الطبيعة بهضم الأخلاط الفاسدة وتحليل المواد الردية عن تحليل المواد المحمودة والرطوبات الأصلية المحوج إلى البدل فيجوز في حق الأشخاص الكاملة لانجذاب نفوسهم إلى جناب القدس بالكلية واستتباعها القوى الجسمانية التي بها الهضم والشهوة والتغذية وما يتعلق بذلك بل لا يبعد أن يكون هذا في حق هؤلاء أولى وأقرب منه في المرض لكون احتياج المريض إلى الغذاء أوفر وأوفى أما أولا فلتحلل رطوباته بسبب الحرارة الغريزية المسماة بسوء المزاج وأما ثانيا فلفرط احتياجه إلى حفظ القوى البدنية بحفظ الرطوبات التي بها تعتدل الحرارة الغريزية وذلك لما عرض لها بسبب المرض المضاد لها من الفتور وأما ثالثا فلاختصاص العارف بأمر يقتضي الاستغناء عن الغذاء والسكون البدني الحاصل بسبب ترك القوى البدنية أفاعيلها عند متابعتها النفس وأما تقريرهم لنزول الوحي وظهور الملك مع أنه من المجردات دون الأجسام فهو أن النائم ومن يجري مجراه في عدم استيلاء الحواس عليه قد يشاهد صورا غريبة ويسمع أصواتا عجيبة ليست بمعدومة صرفة ولا موجودة في الخارج بل في القوة المتخيلة والحس المشترك وربما لا يكون متأدية إليه من طرق الحواس الظاهرة بل من عالم آخر فلا يبعد أن يكون لبعض أفراد الإنسان نفس شريفة شديدة الاتصال بعالم العقل قليلة الالتفات إلى عالم الحس ومتخيلة شديدة جدا قوية التلقي من عالم الغيب قليلة الانغماس في جانب الظاهر لا يعصيها المصورة ولا يشغلها المحسوسات عن أفعالها الخاصة ويحصل لذلك الإنسان في اليقظة أن يتصل بعالم الغيب ويتمثل لقوته المتخيلة العقول المجردة والنفوس السماوية أشباحا مصورة سيما العقل الفعال الذي له زيادة اختصاص بعالم العناصر فتخاطبه وتحدث في سمعه كلام مسموعا يحفظ ويتلى ويكون ذلك من قبل الله وملائكته لا من الإنسان وهذا معنى الوحي ونزول الملك والكتاب وقد يكون ذلك على غاية الكمال فيعبر عنها بمشاهدة وجه الله الكريم وسماع كلامه من غير واسطة وأما تقريرهم في كون النبي مبعوثا من قبل الباري تعالى لحفظ النظام وصلاح العباد في المعاش والمعاد مع أنهم لا يثبتون له الفعل بالاختيار والعلم بالجزئيات ويقطعون بأنه تعالى بل جميع المبادي العالية لا يفعل لغرض في الأمور السافلة فهو أن العناية الإلهية بمخلوقاته أعني إحاطة علمه السابق بنظام الموجودات على الوجه الأليق في الأوقات المترتبة التي يقع كل موجود منها في واحد من تلك الأوقات يقتضي إفاضة ذلك النظام على ذلك الترتيب والتفصيل الذي من جملته وجود الشرع والشارع ووجوب ما به يكون النظام على وجه الصواب فيجب ذلك عنه وعن إحاطته بكيفية الصواب في ترتيب وجود الكل ليكون الموجود على وفق المعلوم وعلى أحسن النظام وإن لم يكن هناك انبعاث قصد وطلب منه تعالى وهذا ما قال في الشفاء أن العناية الإلهية تقتضي المصالح التي لها منفعة ما في البقاء كإنبات الشعر على الأشفار وعلى الحاجبين وتقعير الأخمص من القدمين فكيف لا تقتضي المنفعة التي هي في محل الضرورة للبقاء ولتمهيد نظام الخير وأساس المنافع كلها وكيف لا يجب وقد وجد ما هو مبني عليها ومتعلق بها وكيف يجوز أن يكون المبدأ الأول والملائكة بعده يعلمون ذلك ولا يعلمون هذا ففي الجملة قالوا بوجوب البعثة ولزوم النبوة فمن قال هي واجبة في الحكمة أراد تبقية النظام على الوجه اللايق ومن قال في العناية أراد تمثل النظام في علمه الشامل ومن قال في الطبيعة أراد وجود النظام الكامل ولقد أفصح عن المقصود بعض الإفصاح من قال أن المدبر الذي يسوق النوع من النقصان إلى الكمال لا بد أن يبعث الأنبياء ويمهد الشرايع كما هو موجود في العالم ليحصل النظام ويتعيش الأشخاص ويمكن لهم الوصول من النقصان إلى الكمال الذي خلقوا لأجله قال المبحث الرابع محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ولم يخالف في ذلك من أهل الملل والأديان إلا البعض من اليهود والنصارى وحجتنا أنه عليه السلام ادعى النبوة وأظهر المعجزة وكل من كان كذلك فهو نبي لما بينا اما دعوى النبوة فبالتواتر والاتفاق حتى جرت مجرى الشمس في الوضوح والإشراق وأما إظهار المعجزة فلأنه أتى بالقرآن وأخبر عن المغيبات وأظهر أفعالا على خلاف المعتاد وبلغت جملتها حد التواتر وإن كانت تفاصيلها من الآحاد فلنتكلم في الأنواع الثلاثة أما النوع الأول ففيه ثلاث مقامات لبيان إعجاز القرآن ووجه الإعجاز ودفع شبه الطاعنين أما المقام الأول فهو أنه صلى الله عليه وسلم تحدى بالقرآن ودعا إلى الإتيان بسورة مثله مصاقع البلغاء والفصحاء من العرب العرباء مع كثرتهم كثرة رمال الدهناء وحصى البطحاء وشهرتهم بغاية العصبية والحمية الجاهلية وتهالكهم على المباهاة والمباراة والدفاع عن الأحساب وركوب الشطط في هذا الباب فعجزوا حتى آثروا المقارعة على المعارضة وبذلوا المهج والأرواح دون المدافعة فلو قدروا على المعارضة لعارضوا ولو عارضوا لنقل إلينا لتوفر الدواعي وعدم الصارف والعلم بجميع ذلك قطعي كسائر العاديات لا يقدح فيه احتمال أنهم تركوا المعارضة مع القدرة عليها أو عارضوا ولم ينقل إلينا لمانع كعدم المبالاة وقلة الالتفات والاشتغال بالمهمات وأما المقام الثاني فالجمهور على أن إعجاز القرآن لكونه في الطبقة العليا من الفصاحة والدرجة القصوى من البلاغة على ما يعرفه فصحاء العرب بسليقتهم وعلماء الفرق بمهارتهم في فن البيان وإحاطتهم بأساليب الكلام وهذا مع اشتماله على الإخبار عن المغيبات الماضية والآتية كما سنذكره وعلى دقايق العلوم الإلهية وأحوال المبدأ والمعاد ومكارم الأخلاق والإرشاد إلى فنون الحكمة العلمية والعملية والمصالح الدينية والدنيوية على ما يظهر للمتدبرين ويتجلى على المتفكرين وذهب النظام وكثير من المعتزلة والمرتضى من الشيعة إلى أن إعجازه بالصرفة وهي أن الله تعالى صرف همم المتحدين عن معارضته مع قدرتهم عليها وذلك إما بسلب قدرتهم أو بسلب دواعيهم أو بسلب العلوم التي لا بد منها في الإتيان بمثل القرآن بمعنى أنها لم تكن حاصلة لهم أو بمعنى أنها كانت حاصلة فأزالها الله وهذا هو المختار عند المرتضى وتحقيقه أنه كان عندهم العلم بنظم القرآن والعلم بأنه كيف يؤلف كلام يساويه أو يدانيه والمعتاد أن من كان عنده هذان العلمان يتمكن من الإتيان بالمثل إلا أنهم كلما حاولوا ذلك أزال الله تعالى عن قلوبهم تلك العلوم وفيه نظر واحتجوا
أولا بأنا نقطع بأن فصحاء العرب كانوا قادرين على التكلم بمثل مفردات السورة ومركباتها القصيرة مثل الحمد لله ومثل رب العالمين وهكذا إلى الآخر فيكونون قادرين على الإتيان بمثل السورة
Bogga 184