285

Sharh Maqasid

شرح المقاصد في علم الكلام

Daabacaha

دار المعارف النعمانية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1401هـ - 1981م

Goobta Daabacaadda

باكستان

ثالثا فلأن المعجزة قد تتأخر عن التحدي كما إذا قال معجزتي ما يظهر مني يوم كذا فظهرت ويمكن الجواب عن الأول بأن ذكر التحدي مشعر بالقيدين فإن معناه طلب المعارضة فيما جعله شاهدا لدعوته وتعجيز الغير عن الإتيان بمثل ما أبداه تقول تحديت فلانا إذا باريته الفعل ونازعته الغلبة وتحديته القراءة أينا إقراء وبالتحدي يحصل ربط الدعوى بالمعجزة حتى لو ظهرت آية من شخص وهو ساكت لم يكن معجزة وكذا لو ادعى الرسالة فظهرت الآية من غير إشعار منه بالتحدي قالوا ويكفي في التحدي أن يقول آية صدقي أن يكون كذا وكذا ولا يحتاج إلى أن يقول هذه آيتي ولا يأتي أحد بمثلها فعلى هذا لا تكون معجزة نبي ماض ولا معاصر معجزة للغير وعن الثاني إن عد الإرهاصات من جملة المعجزات إنما هو على سبيل التغليب والتشبيه والمحققون على أن خوارق العادات المتعلقة ببعثة النبي إذا كانت متقدمة فإن ظهرت منه فإن شاعت وكان هو مظنة البعثة كما في حق نبينا عليه السلام حيث أخبر بذلك بعض أهل الكتاب والكهنة فإرهاص أي تأسيس لقاعدة البعثة وإلا فكرامة محضة وإن ظهرت من غيره فإن كان من الأخبار فكذلك أي أرهاص أو كرامة وإلا فإرهاص محض كظهور النور في جبين عبدالله أو ابتلاء كما إذا ظهرت على يد من ادعى الألوهية فإن الأدلة القطعية قائمة على كذبه بخلاف مدعي النبوة فلهذا جوزوا إظهارها على يد المتأله دون المتنبي وعن الثالث أن المتأخر إن كان بزمان يسير يعد مثله في العرف مقارنا فلا إشكال وإن كان بزمان متطاول فالمعجزة عند من شرط المقارنة هو ذلك القول المقارن فإنه إخبار بالغيب لكن العلم بإعجازه متراخ إلى وقت وقوع ذلك الأمر ومن جعل المعجزة نفس ذلك الأمر فهو لا يشترط المقارنة وعلى التقديرين لا يصح من ذلك النبي تكليف الناس بالتزام الشرع ناجزا لانتفاء المعجزة أو العلم بها لكن لو بين الأحكام وعلق التزامها بوقوع ذلك الأمر صح عند الإمام ولم يصح عند القاضي ثم المراد بعدم المعارضة أن لا يظهر مثله ممن ليس بنبي وأما من نبي آخر فلا امتناع وزاد بعضهم في تفسير المعجزة قيدا آخر وهو أن يكون في زمان التكليف لأن ما يقع في الآخرة من الخوارق ليست بمعجزة ولأن ما يظهر عند ظهور أشراط الساعة وانتهاء التكاليف لا يشهد بصدق الدعوى لكونه زمان نقض العادات وتغير الرسول قال وإما إمكانها فضروري قدح بعض المنكرين للنبوة في المعجزات بأن تجويز خوارق العادات سفسطة إذ لو جازت لجاز أن ينقلب الجبل ذهبا والبحر دهنا والمدعي للنبوة شخصا آخر عليه ظهرت المعجزة إلى غير ذلك من المحالات وبعضهم بأنها على تقدير ثبوتها لا تثبت على الغائبين لأن أقوى طرق نقلها التواتر وهو لا يفيد اليقين لأن جواز الكذب على كل أحد يوجب جوازه على الكل لكونه نفس الآحاد ولأنه لو أفاده لإفادة خبر الواحد لأن كل طبقة يفرض عدد التواتر فعند نقصان واحد منه إن بقيت مفيدة لليقين وهكذا إلى الواحد فظاهر وإن لم تبق كان المفيد هو ذلك الواحد الزائد ولأنه غير مضبوط بعدد بل ضابطة حصول اليقين فإثبات اليقين به يكون دورا والجواب عن الأول أن المراد بخوارق العادات أمور ممكنة في نفسها ممتنعة في العادة بمعنى أنها لم يجز العادة بوقوعها كانقلاب العصا حية فإمكانها ضروري وإبداعها ليس أبعد من أبداء خلق الأرض والسماء وما بينهما والجزم بعدم وقوع بعضها كانقلاب الجبل والبحر وهذا الشخص وأمثال ذلك لا ينافي الإمكان الذاتي على ما سبق في صدر الكتاب وعن الثاني بأن المتواترات أحد أقسام الضروريات فالقدح فيها بما ذكر مع أنه ظاهر الاندفاع لا يستحق الجواب وأما وجه دلالتها أي وجه دلالة المعجزة على صدق الرسالة أنها عند التحقيق بمنزلة صريح التصديق لما جرت العادة به من أن الله تعالى يخلق عقيبها العلم الضروري بصدقه كما إذا قام رجل في مجلس ملك بحضور جماعة وادعى أنه رسول هذا الملك إليهم فطالبوه بالحجة فقال هي أن يخالف هذا الملك عادته ويقوم عن سريره ثلاث مرات ويقعد ففعل فإنه يكون تصديقا له ومفيدا للعلم الضروري بصدقه من غير ارتياب فإن قيل هذا تمثيل وقياس للغائب على الشاهد وهو على تقدير ظهور الجامع إنما يعتبر في العمليات لإفادة الظن وقد اعتبرتموه بلا جامع لإفادة اليقين في العلميات التي هي أساس ثبوت الشرايع على أن حصول العلم فيما ذكرتم من المثال إنما هو بشواهد من قرائن الأحوال قلنا التمثيل إنما هو للتوضيح والتقريب دون الاستدلال ولا مدخل لمشاهدة القرائن في إفادة العلم الضروري لحصوله للغائبين عن هذاالمجلس عند تواتر القضية إليهم وللحاضرين فيما إذا فرضنا الملك في بيت ليس فيه غيره ودونه حجب لا يقدر على تحريكها أحد سواه وجعل مدعى الرسالة حجته إن الملك يحرك تلك الحجب من ساعته ففعل فإن قيل ههنا احتمالات تنفي الدلالة على الصدق في الجزم به وهي أنواع

الأول احتمال أن لا يكون ذلك الأمر من الله تعالى بل يستند إلى المدعي بخاصية في نفسه أو مزاج في بدنه أو لاطلاع منه على خواص في بعض الأجسام يتخذها ذريعة إلى ذلك أو يستند إلى بعض الملائكة أو الجن أو إلى اتصالات كوكبية وأوضاع فلكية لا يطلع عليها غيره إلى غير ذلك من الأسباب

الثاني احتمال أن لا يكون خارقا للعادة بل ابتداء عادة أراد الله إجراءها أو تكرير عادة لا تكون إلا في دهور متطاولة كعود الثوابت إلى نقطة معينة

الثالث احتمال أن يكون مما يعارض إلا أنه لم يعارض لعدم بلوغه إلى من يقدر المعارضة أو المواضعة من القوم وموافقة في إعلاء كلمته أو الخوف أو لاستهانة وقلة مبالاة أو لاشتغال بما هو أهم أو عورض ولم ينقل لمانع

Bogga 178