Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Daabacaha
دار المعارف النعمانية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1401هـ - 1981م
Goobta Daabacaadda
باكستان
Noocyada
الرابع أنه لو كان بقدرة العبد لزم أن لا يوجد عند فناء قدرة العبد واللازم باطل فيما إذا رمى الأنسان سهما ومات قبل أن أصاب السهم حيا فجرحه وأفضى إلى زهوق روحه بعد شهور وأعوام فهذه السرايات والآلام حدثت بعد ما صار الرامي عظاما رميما واعترض بأنه يجوز أن يشترط في تأثير القدرة الحادثة مالا يشترط في القديمة وبأن معنى كون المتولد بقدرة العبد تأثيرها في السبب الموجب له واعلم أن مذهب أصحابنا أن ما يقع مباينا لمحل القدرة الحادثة لا يكون مقدورا لها أصلا وإنها لا تتعلق إلا بما يقوم بمحلها وإن كان بخلق الله ثم انظر في الوجوه الأربعة أنها على تقدير تمامها هل تفيد ذلك أم يقتصر بعضها على مجرد نفي مذهب الخصم قال المبحث الثاني مذهب أهل الحق إن إرادة الله تعالى متعلقة بكل كائن غير متعلقة بما ليس بكائن على ما اشتهرمن السلف وروي مرفوعا إلى النبي عليه السلام أن ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن لكن منهم من منع التفصيل بأن يقال أنه يريد الكفر والظلم والفسق كما في الخلق يقال أنه خالق الكل ولا يقال خالق القاذورات والقردة والخنازير وخالفت المعتزلة في الشرور والقبائح فزعموا أنه يريد من الكافر الإيمان وإن لم يقع لا الكفر وإن وقع وكذا يريد من الفاسق الطاعة لا الفسق حتى أن أكثر ما يقع من العباد خلاف مراده والظاهر أنه لا يصير على ذلك رئيس قرية من عباده حكى أنه دخل القاضي عبد الجبار دارا للصاحب بن عباد فرأى الأستاذ أبي إسحاق الإسفرائني فقال سبحان من تنزه عن الفحشاء فقال الإستاذ على الفور سبحان من لا يجري في ملكه إلا ما يشاء والتفصي عن ذلك بأنه أراد من العباد الإيمان والطاعة برغبتهم واختبارهم فلا عجز ولا نقيصة ولا مغلوبية له في عدم وقوع ذلك كالملك إذا أراد دخول القوم داره رغبة واختيارا لا كرها واضطرارا فلم يدخلوا ليس بشيء لأنه لم يقع هذا المراد ووقع مرادات العبيد والخدم وكفى بهذا نقيصة ومغلوبية لنا على إرادته للكائنات أنه خالق لها بقدرته من غير إكراه فيكون مريدا لها ضرورة إن الإرادة هي الصفة المرجحة لأحد طرفي الفعل والترك وعلى عدم إرادته لما ليس بكائن إنه علم عدم وقوعه فعلم استحالته لاستحالة انقلاب علمه جهلا والعالم باستحالة الشيء لا يريده البتة واعترض بأن خلاف المعلوم مقدور له في نفسه والمقدور إذا كان متعلق المصلحة يجوز أن يكون مرادا وإن علم أنه لا يقع البتة وبأن من أخبره النبي الصادق بأن فلانا يقتله البتة يعلم ذلك قطعا مع أنه لا يريد قتله بل حياته والجواب أن هذا تمن لا إرادة فإنها الصفة التي شأنها التخصيص والترجيح وأما الآيات والأحاديث في هذا الباب فأظهر من أن تخفى وأكثر من أن تحصى
﴿ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله﴾
﴿فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا﴾
﴿ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم﴾
﴿إن كان الله يريد أن يغويكم﴾
﴿ولو شاء الله لجمعهم على الهدى﴾
﴿ولو شاء لهداكم أجمعين﴾
﴿أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم﴾
﴿إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون﴾
﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾
﴿والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم﴾
وللمعتزلة فيها تأويلات فاسدة وتعسفات باردة يتعجب منها الناظر ويتحقق أنهم فيها محجوجون وبوهقها مخنوقون ولظهور الحق في هذه المسألة يكاد عامتهم به يعترفون ويجري على ألسنتهم إن مالم يشأ الله لا يكون ثم العمدة القصوى لهم في الجواب عن أكثر الآيات حمل المشيئة على مشيئة القسر وإلا لجاء وحين سئلوا عن معناها تحيروا فقال العلاف معناها خلق الإيمان والهداية فيهم بلا اختيار منهم ورد بأن المؤمن حينئذ يكون هو الله لا العبد على ما زعمتم في إلزامنا حين قلنا بأن الخالق هو الله تبارك وتعالى وعز وجل مع قدرتنا واختيارنا وكسبنا فكيف بدون ذلك فقال الجبائي معناها خلق العلم الضروري بصحة الإيمان وإقامة الدلائل المثبتة لذلك العلم الضروري ورد بأن هذا لا يكون إيمانا والكلام فيه على أن في بعض الآيات دلالة على أنهم لو رأوا كل آية ودليل لا يؤمنون البتة فقال ابنه أبو هاشم معناها أن خلق لهم العلم بأنهم لو لم يؤمنوا لعذبوا عذابا شديدا وهذا أيضا فاسد لأن كثيرا من الكفار كانوا يعلمون ذلك وكذا إبليس ولا يؤمنون على أنه قال تعالى
﴿ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين﴾
يشهد بفساد تأويلاتهم لدلالته على أنه إنما لم يهد الكل لسبق الحكم بملأ جهنم ولا خفاء في ان الإيمان والهداية بطريق الجبر لا يخرجهم عن استحقاق جهنم سيما عند المعتزلة وتمام تفصيل هذا المقام وتزييف تأويلاتهم في المطولات وكتب التأويلات والمعتزلة تمسكوا في دعواهم بوجوه
الأول أن إرادة القبيح قبيحة والله منزه عن القبائح ورد بأنه لا قبح منه غاية الأمر أنه يخفى علينا وجه حسنه
الثاني أن العقاب على ما أراده ظلم ورد بالمنع فإنه تصرف في ملكه
الثالث أن الأمر بما لا يراد والنهي عما يراد سفه ورد بالمنع إذ ربما لا يكون غرض الآمر الإتيان بالمأمور به كالسيد إذا أمر العبد امتحانا له هل يطيعه أم لا فإنه لا يريد شيئا من الطاعة والعصيان أو اعتذارا عن ضربه بأنه لا يطيعه فإنه يريد منه العصيان وكالمكره على الأمر بنهب أمواله وكذا النهي فإن قيل مأمور السلطان يتبادر إلى المأمور به معللا بأنه مراد السلطان قلنا لا نطقا بل إذا ظهر إمارة إلإرادة وإنما يعلل نطقا بالأمر والإشارة والحكم
الرابع لو كان الكفر مراد الله تعالى لكان طاعة لأن معناها تحصيل مراد المطاع لدورانه معه وجودا وعدما ورد بالمنع بل هي موافقة الأمر وإنما تدور معه علمت الإرادة أو لم تعلم
الخامس لو كان مراد الكان قضاء فوجب الرضاء به والملازمة وبطلان اللازم إجماع ورد بأنه مقضى لا قضاء ووجوب الرضا إنما هو بالقضاء دون المقضى ودعوى أن المراد بالقضاء الواجب الرضى به هو المقضى من المحن والبلايا والمصائب والرزايا لا الصفة الذاتية لله تعالى بهت بل هو الخلق والحكم والتقدير وقد يجاب بأن الرضا بالكفر من حيث أنه من قضاء الله تعالى طاعة ولا من هذه الحيثية كفر وفيه نظر
Bogga 147