225

Sharh Maqasid

شرح المقاصد في علم الكلام

Daabacaha

دار المعارف النعمانية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1401هـ - 1981م

Goobta Daabacaadda

باكستان

السابع أن أثر الباري تعالى إما واجب الوقوع أو ممتنع الوقوع لأنه إما أن يعلم في الأزل وقوعه فيجب أولا وقوعه فيمتنع وإلا لزم الجهل ولا شيء من الواجب والممتنع بمقدور لزوال مكنة الترك في الأول والفعل في الثاني بل كليهما في كليهما والجواب أنه يعلم وقوعه بقدرته ومثل هذا الوجوب لا ينافي المقدورية بل يحققها قال خاتمة قدرة الله غير متناهية إما بمعنى أنها ليست لها طبيعة امتدادية تنتهي إلى حد ونهاية أو بمعنى أنها لا يطرأ عليها العدم فظاهر لا يحتاج إلى التعرض وإما بمعنى أنها لا تصير بحيث يمتنع تعلقها فلأن ذلك عجز ونقص ولأن كثيرا من مخلوقاته أبدي كنعيم الجنان وذلك بتعاقب جزئيات لا نهاية لها بحسب القوة والإمكان ولأن المقتضي للقادرية هو الذات والمصحح للمقدورية هو الإمكان ولا انقطاع لهما وبهذا استدلوا على شمول قدرة الله تعالى لكل موجود ممكن بمعنى أنه يصح تعلقها به ولما توجه عليه أنه لم لا يجوز اختصاص بعض الممكنات بشرط لتعلق القدرة أو مانع عنه ومجرد المنتضى والمصحح لا يكفي بدون وجود الشرط وعدم المانع أجيب بأنه لا تمايز للممكنات قبل الوجود ليختص البعض بشرائط التعلق وموانعه دون البعض وهذا ضعيف على ما سبق فالأولى التمسك بالنصوص الدالة على شمول قدرته مثل والله على كل شيء قدير ( قال وخالف المجوس ) المنكرون لشمول قدرة الله تعالى طوائف منهم المجوس القائلون بأنه لا يقدر على الشرور حتى خلق الأجسام المؤذية وإنما القادر على ذلك فاعل آخر يسمى عندهم أهرمن لئلا يلزم كون الواحد خيرا وشريرا وقد عرفت ذلك ومنهم النظام وأتباعه القائلون بأنه لا يقدر على خلق الجهل والكذب والظلم وسائر القبائح إذ لو كان خلقها مقدورا له لجاز صدوره عنه واللازم باطل لإفضائه إلى السفه إن كان عالما بقبح ذلك وباستغنائه عنه وإلى الجهل إن لم يكن عالما والجواب لا نسلم قبح شيء بالنسبة إليه تعالى كيف وهو تصرف في ملكه ولو سلم فالقدرة عليه لا تنافي امتناع صدوره عنه نظرا إلى وجود الصارف وعدم الداعي وإن كان ممكنا في نفسه ومنهم عباد وأتباعه القائلون بأنه ليس بقادر على ما علم أنه لا يقع لاستحالة وقوعه قال في المحصل وكذا ما علم أنه يقع لوجوبه والجواب أن مثل هذه الاستحالة والوجوب لا تنافي المقدورية ومنهم أبو القاسم البلخي المعروف بالكعبي وأتباعه القائلون بأنه لا يقدر على مثل مقدور العبد حتى لو حرك جوهر إلى حيز وحركه العبد إلى ذلك الحيز لم تتماثل الحركتان وذلك لأن فعل العبد إما عبث أو سفه أو تواضع بخلاف فعل الرب وفي عبارة المحصل بدل التواضع الطاعة وعبارة المواقف إما طاعة أو معصية أوسفه ليست على ما ينبغي لأن السفه وإن جاز أن يجعل شاملا للعبث فلا خفاء في شموله المعصية أيضا والجواب منع الحصر ككثير من المصالح الدنيوية فإن قيل المشتمل على المصلحة المحضة أو الراجحة طاعة وتواضع قلنا ممنوع بل إذا كان فيه امتثال وتعظيم للغير ولهذا لا يتصف به فعل الرب وإن اشتمل على المصلحة ولو سلم الحصر فالمقدور في نفسه حركات وسكنات وتلحقه هذه الأحوال والاعتبارات بحسب قصد العبد وداعيته ولست من لوازم الماهية فانتفاؤها لا يمنع التماثل ومنهم الجبائي وأتباعه القائلون بأنه لا يقدر على نفس مقدور العبد لأنه لو صح مقدور بين قادرين لصح مخلوق بين خالقين لأنه يجب وقوعه بكل منهما عند تعلق الإرادة لما سبق من وجوب حصول الفعل عند خلوص القدرة والداعي وقد عرفت امتناع اجتماع المؤثرين على أثر واحد والجواب عندنا منع الملازمة بناء على أن قدرة العبد ليست بمؤثرة وسيجيء إن شاء الله ولو سلم فإنما يتم خلوص الداعي والقدرة لو لم يكن تعلق القدرة أو الإرادة للآخر مانعا ولو سلم فيجوز أن يكون واقعا بهما جميعا لا بكل منهما ليلزم المحال وعند أبي الحسين البصري منع بطلان اللازم فإنا إذا فرضنا التصاق جوهر واحد يكفي إنسانين فجذبه أحدهما حال ما دفعه الآخر فإن الحركة الحاصلة فيه مستندة إلى كل منهما وفيه نظر قال وأما شمول قدرته ما مر من الاختلاف كان في شمول قدرة الله تعالى بمعنى كونه قادرا على كل ممكن سواء تعلق به الإرادة والقدرة فوجد أم لا فلم يوجد أصلا أو وجد بقدرة مخلوق وعلى هذا لا يتأتى اختلافات الفلاسفة ومن يجري مجراهم ممن لا يقول بكونه قادرا مختارا وقد يفسر شمول قدرته بأن كل ما يوجد من الممكنات فهو معلول له بالذات أو بالواسطة وهذا مما لا نزاع فيه لأحد من القائلين بوحدة الواجب تعالى وإنما الخلاف في كيفية الاستناد ووجود الوسائط وتفاصيلها وأن كل ممكن إلى أي ممكن يستند حتى ينتهي إلى الواجب وقد يفسر شمول قدرته بأن ما سوى الذات والصفات من الموجودات واقع بقدرته وإرادته ابتداء بحيث لا مؤثرا سواه وهذا مذهب أهل الحق من المتكلمين وقليل ما هم وتمسكوا بوجوه

الأول النصوص الدالة إجمالا على أنه خالق الكل لا خالق سواه وتفصيلا على أنه خالق السموات والأرض والظلمات والنور والموت والحياة وغير ذلك من الجواهر والأعراض

الثاني دليل التوارد وهو أنه لو وقع شيء بقدرة الغير وقد عرفت أنه مقدور لله تعالى أيضا فلو فرضنا تعلق الإرادتين به معا فوقوعه إما بإحدى القدرتين فيلزم الترجح بلا مرجح وإما بهما فيلزم توارد العلتين المستقلتين على معلول واحد لأن التقديران كلا منهما مستقل بالإيجاد فلا يجوز أن تكون العلة هي المجموع وهذا بخلاف حركة الجوهر الملتصق يكفي جاذب ودافع فإنه لا دليل على استقلال كل منهما بإيجاد تلك الحركة على الوجه المخصوص نعم يرد عليه أن قدرة الله تعالى أكمل فيقع بها وتضمحل قدرة العبد

Bogga 85