Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Daabacaha
دار المعارف النعمانية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1401هـ - 1981م
Goobta Daabacaadda
باكستان
Noocyada
الثالث أنه لو كان البطء لتخلل السكنات لزم أن لا يقع الإحساس بشيء من الحركات التي تشاهد في عالم العناصر كعدو الفرس وطيران الطائر ومرور السهم وغير ذلك إلا مشوبة بسكنات هي اضعاف آلافها واللازم ظاهر الانتفاء وجه اللزوم أن تلك الحركات لا تقطع في اليوم بليلته إلا بعض وجه الأرض وجميع الأرض بالنسبة إلى الفلك الأعظم الذي يتم في اليوم بليلته دورة مما ليس له قدر محسوس وبالجملة ففي غاية الصغر فتلك الحركات في غاية البطء فيلزم أن تتخلل حركة الفرس مثلا سكنات بقدر زيادة حركة الفلك الأعظم على حركاته ويكون الحركات مغمورة لا يحس بها أصلا فيرى الفرس ساكنا على الدوام أو يحس بها في زمان أقل من زمان السكنات بتلك النسبة فيرى ساكنا أضعاف آلاف ما يرى متحركا لأن السكون وإن كان عدميا عندهم لكن لا خفاء في أن الجسم قد يرى ساكنا وقد يرى متحركا ويعرف الحس بين الحالين وأجيب بأن تخلل السكنات بين الحركات وامتزاجها بها ليس بحيث يفرق الحس بين أزمنتها بل صارتا بمنزلة شيء واحد لا أن الحركات لكونها وجودية تظهر على الحس شيئا فشيئا تبهر السكنات وتغلبها وإن كانت السكنات في غاية الكثرة فيرى الفرس متحركا على الدوام ولا يخفى على المنصف قوة الأدلة وضعف الأجوبة ( قال ثم كل من السرعة والبطء قابل للشدة والضعف ) لا خفاء في ذلك لكن هل ينتهيان إلى حد حتى تتحقق حركة سريعة لا حظ لها من البطء وبطيئة لا حظ لها من السرعة أم لا بل لكل حركة حظ من السرعة بالنسبة إلى ما هو أبطأ ومن البطء بالنسبة إلى ما هو أسرع فيه تردد والأشبه بأصولهم هو الثاني لأن الحركة لا تكون بدون زمان ومسافة أي امتداد في إحدى المقولات الأربع وكل منهما ينقسم لا إلى نهاية وكل حركة تعرض فهي بالنسبة إلى ما يقطع تلك المسافة في نصف ذلك الزمان بطيئة وبالنسبة إلى ما يقطع في ذلك الزمان نصف تلك المسافة سريعة لكن ميل الإمام إلى الأول تمسكا بأنهما لو لم ينتهيا إلى حد لما كان بينهما غاية الخلاف فلم يتحقق التضاد فلم تتصور الشدة والضعف لكونه انتقالا من ضد إلى ضد وضعفه ظاهر وقد يتمسك بأن انقسام الزمان والمسافة قد ينتهي إلى مالا تمكن الحركة في أقل منه وإن كان قابلا للقسمة بحسب الفرض وحينئذ تتحقق بحسب ذلك الزمان سرعة بلا بطء وبحسب تلك المسافة بطء بلا سرعة وهو أيضا ضعيف لأن تلك السريعة بطيئة بالنسبة إلى ما يقطع في ذلك الزمان ضعف تلك المسافة وتلك البطيئة سريعة بالنسبة إلى ما يقطع تلك المسافة في ضعف ذلك الزمان نعم لما كانت الأبعاد متناهية فقطع أطول مسافة في أقصر زمان ربما يخلو عن البطء وأما كون حركة الفلك الأعظم أسرع الحركات فإنما هو بالنسبة إلى ما هو في الوجود دون ما في الإمكان إذ لا يمتنع أن يقع في أقل من ذلك القدر من الزمان ( قال المبحث السادس ) ذهب بعض الفلاسفة والمتكلمين إلى أن بين كل حركتين مستقيمتين زمانا يسكن فيه المتحرك سواء كانت الثانية رجوعا إلى الصوب الأول أو انعطافا إلى صوب آخر ولا خفاء في أن حصول الزاوية إنما يكون على تقدير الانعطاف دون الرجوع لأن الخط واحد فعبارة التجريد وهي أنه لا اتصال لذوات الزوايا ولا انعطاف ليست على ما ينبغي وقد فسرت بأنه لا اتصال للحركات الأينية التي تفعل نقطا هي نقط زوايا الرجوع ولا التي تفعل نقطا هي نقط زوايا الانعطاف والعمدة في احتجاج الفلاسفة أن الوصول إلى النهاية أني إذ لو كان زمانيا ففي نصف ذلك الزمان إما أن يحصل الوصول فلا يكون في ذلك الزمان بل في نصفه أو لا يحصل فلا يكون المفروض زمان الوصول وكذا الرجوع أعني ابتداءه الذي قد يعبر عنه باللاوصول واللامماسة والمباينة والمفارقة فلا يرد ما قيل إن كلا من ذلك حركة وهي زمانية لا آنية ثم الآنان متغايران ضرورة فإن لم يكن بينهما زمان لزم تتالي الآنات فيكون الامتداد الزماني الذي هو مقدار الحركة متألفا من الآنات وهو منطبق على الحركة المنطبقة على المسافة فيلزم وجود الجزء الذي لا يتجزأ وإذا كان بينهما زمان ولا حركة فيه تعين السكون ولما كان منع ضرورة تغاير الآنين ظاهرا بناء على جواز أن يقع الوصول واللاوصول أعني نهاية حركة الذهاب وبداية حركة الرجوع في آن واحد هو حد مشترك بين زمانيهما كالنقطة الواحدة التي تكون بداية خط ونهاية خط آخر وليس هذا من اجتماع النقيضين أعني الوصول واللاوصول في شيء لأن معناه أن يصدق على الشيء أنه واصل وليس بواصل لا أن يحصل له الوصول وابتداء الرجوع الذي هو لا وصول كما يحصل للجسم الحركة والسواد الذي هو لا حركة قرر بعضهم هذه الحجة بوجه آخر وهو أن الحركة إنما تصدر عن علة موجودة تسمى باعتبار كونها مزيلة للمتحرك من حد ما مقربة له إلى حد آخر ميلا وهي العلة للوصول إلى الحد وإن لم يسم باعتبار الاتصال ميلا فتكون موجودة في آن الوصول إذ ليس الميل من الأمور التي لا توجد إلا في الزمان كالحركة ثم اللاوصول أعني المباينة عن ذلك الحد لا يحدث إلا بعد حدوث ميل ثان في آن ثان ضوررة امتناع اجتماع الميل إلى الشيء مع الميل عنه في آن واحد ولا استحالة تتالي الآنين يكون بينهما زمان بكون الجسم فيه عديم الميل فيكون عديم الحركة وهو معنى السكون ويرد عليه بعد تسليم نفي الجزء وثبوت كون الميل علة موجبة للوصول لا معدة ليلزم بقاؤه معه أن الآن عندكم طرف للزمان بمنزلة النقطة للخط فلا تحقق له في الخارج مالم ينقطع الزمان وإنما هو موهوم محض بما يفرض للزمان من الانقسام فكيف يقع فيه الوصول أو الرجوع وإن أردتم به زمانا لا ينقسم إلا بمجرد الوهم فلانم تغاير أني الميلين لجواز أن يقعا في آن واحد بحسب ما له من الانقسام الوهمي ولو سلم فلانم استحالة تتالي الآنين بهذا المعنى وإنما يستحيل لو لزم منه وجود الجزء أعني مالا ينقسم بالوهم أيضا ولا خفاء في ضعف المنع الأول وفي أنهم يعنون بالآن مالا ينقسم أصلا حيث يعللون استحالة تتالي الآنات باستلزامه وجود الجزء وكأنهم يجعلون انقسام الزمان إلى الماضي والمستقبل كافيا في تحقق الآن أعني الطرف الذي يكون نهاية الماضي وبداية المستقبل ويحكمون على كثير من الأشياء بأنها آنية لا زمانية فإن قيل ما بال تحقق الآن لم يستلزم وجود الجزء وإلى الآنين استلزامه قلنا لأنه على تقدير التتالي يكون الامتداد الذي هو مقدار الحركة المنطبقة على المسافة متألفا من الآنات بزيادة واحد واحد ولا كذلك تحقق طرف للزمان هو عرض قائم به غير حال فيه حلول السريان وهذا كما أن ثبوت النقطة لا يستلزم الجزء وكون الخط متألفا من نقط تستلزمه وقد يقال لو صحت الحجة المذكورة لزم تتالي الآنات أو تخلل السكنات في كل حركة مستقيمة سيما إذا كانت على أجسام منضودة أو كان المتحرك لا يماس المسافة إلا بنقطة نقطة على التوالي كما إذا أدرنا كرة على سطح مستو أو ركبناها على دولاب دائر فوقه سطح مستو فإن آن الوصول إلى كل نقطة يغاير آن اللاوصول عنه فيجاب بأن انقسام المسافة ههنا سواء كانت على جسم واحد أو أجسام مختلفة محض توهم فلا تحقق للنقطة والآن بخلاف ما إذا انقطعت الحركة فتحققت لها نهاية فإنه لا بد من ذلك في المسافة أيضا لانطباقها عليها وفيه نظر لا يخفى ( قال وزعم الجبائي ) يعني أنه ثبت السكون بين الحركة الصاعدة والهابطة تمسكا بأن الحجر مثلا إنما يصعد بسبب أن اعتماده المجتلب أعني الميل القسري يغلب اعتماده اللازم أعني الميل الطبيعي ثم لا يزال يضعف بمصادمات الهواء المخروق إلى أن يغلب اللازم فيرجع الحجر هابطا والانتقال من الغالبية إلى المغلوبية لا يتصور إلا بعد التعادل وعنده يجب السكون إذ لو تحرك فإما قسرا أو طبعا وكل منهما ترجح بلا مرجح والجواب أنه لو سلم لزوم التعادل فليكن في آن الوصول لا في زمان بين آني الوصول والرجوع يكون الجسم فيه ساكنا على ما هو المدعى وإن سمي عدم الحركة في الآن سكونا كان معنى الكلام أن الحركة الأولى تنقطع وتنعدم فيحدث بعدها حركة أخرى وهذا مما لا يتصور فيه نزاع ( قال احتج المانع ) أي القائل بعدم لزوم سكون بين الحركتين بوجوه
الأول أنه لو لزم انتهاء الصاعدة القسرية إلى زمان سكون لزم بقاؤه من غير تعقب هبوط لأنه لا سبب لضعف القاسرة إلا مصادمة المخروق وهي منتفية عند السكون وأجيب بالمنع بل الطبيعة تندرج إلى القوة والقاسرة إلى الضعف بحسب الذات ولهذا تكون حركة الحجر الهابط عند القرب من الأرض أشد وما ذكر ابن سينا من أنه لولا مصادمات الهواء المخروق للقوة القسرية لوصل الحجر المرمي إلى سطح الفلك في حيز المنع
Bogga 278