قال ارسطو وايضا نفحص لنعلم هل ينبغى ان نقول ان للجواهر المحسوسة كينونة فقط ام ينبغى ان نقول ان جواهر اخر غير هذه الجواهر المحسوسة وهل جنس الجواهر واحد ام اجناسها كثيرة كقول الذين يقولون ان الصور والتى فيما بينها وبين المحسوسات جواهر وان العلوم التعاليمية هى هذه الجواهر التى فيما بين الصور والمحسوسات فاما نحن فقد تقدم قولنا فى الاقاويل التى قلنا فى الصور باى نوع نقول ان الصور بذاتها علل وجواهر فاما اقاويل هولاء فان الشناعة تلحقها من وجوه كثيرة ولا سيما اقاويل من قال ان جواهر اخر غير الجواهر التى داخل السماء وان تلك الجواهر كالجواهر المحسوسة ما خلا ان تلك سرمدية وان هذه المحسوسة بالية فاسدة فانهم يزعمون ان الانسان فى تلك الجواهر كالانسان المحسوس هاهنا وكذلك الفرس والثور فقول هولاء يشبه قول الذين يزعمون ان الهة وان صورهم كصور الناس فان أولئك لم يقولوا شيئا اخر ما خلا ان ناسا سرمديون وهولاء ايضا كذلك قولهم وايضا ان ادعى احد ان جواهر فيما بين الصور والجواهر المحسوسة غير الصور المحسوسة فيلحق قوله مسائل غامضة كثيرة لانه ان كانت جواهر اخر فيما بين الصور والمحسوسات غيرها فمعلوم انه كذلك تكون ايضا خطوط غير خطوط الصور وغير الخطوط المحسوسة وكذلك كل واحد من سائر الاجناس وان كان علم النجوم واحدا من هذه الاشياء ستكون سماء اخرى غير السماء المحسوسة وكذلك تكون شمس اخرى وقمر وسائر الاشياء التى فى السماء المحسوسة ولا كن كيف ينبغى لنا ان نصدق هولاء لانه ليس من الواجب ان تكون هذه السماء التى ادعوها غير متحركة وايضا لا يمكن البتة ان تكون متحركة وكذلك نقول فى الاشياء التى يستعملها الابطيقى يعنى علم البصر والتى يستعملها علم تاليف اللحون التعليمى فانه لا يمكن ان تكون هذه الاشياء غير هذه المحسوسات للعلل التى قلنا لانه ان كانت اشياء محسوسة فيما بين الصور والاشياء البالية الفاسدة فمعلوم انه ستكون ايضا حواس وحيوان فيما بين الصور والاشياء الفاسدة التفسير يقول وايضا فينبغى ان نفحص هل هنا جواهر مفارقة غير الجواهر المحسوسة ام ليس هاهنا جواهر الا المحسوسة فقط وان كان هاهنا جواهر غير الجواهر المحسوسة فهل هذه الجواهر جنس واحد ام اجناس كثيرة مثل الذين قالوا ان الجواهر ثلثة المحسوسات والصور والتى بينهما وهى التى يقولون انها التى تنظر فيها العلوم التعاليمية ثم قال فاما نحن فقد قلنا فى الاقاويل التى قلنا فى الصور باى نوع نقول ان الصور بذاتها علل وجواهر يريد فاما نحن فقد تكلمنا وبينا على اى وجه يصح ان يقال بالصور والوجه الذى به صارت عللا واسبابا لسائر الموجودات والوجه الذى لا يصح من قبله ان تكون عللا يعنى اذا وضعت مفارقة على ما يضعه القائلون بالصور وذلك فى مقالات الجوهر من هذا الكتاب ثم قال فاما اقاويل هولاء فان الشناعة تلحقها من وجوه كثيرة ولا سيما اقاويل من قال ان جواهر اخر غير الجواهر التى داخل السماء وان تلك الجواهر كالجواهر المحسوسة يريد فاما من قال ان هاهنا جواهر مفارقة هى صور الاشياء فقد تلحقهم شناعات كثيرة ولا سيما من قال منهم ان تلك الجواهر والتى هاهنا واحدة بالاسم والحد وانهما لا تفترقان الا بان تلك ازلية وهذه كائنة فاسدة ثم فسر قولهم فقال فانهم يزعمون ان الانسان فى تلك الجواهر كالانسان المحسوس هاهنا وكذلك الفرس والثور يريد انهم كانوا يضعون ان الانسان الذى فى تلك الجواهر المفارقة هو كالانسان الذى هاهنا لا فرق بينهما لا فى الاسم ولا فى الحد ثم قال فقول هولاء يشبه قول الذين يزعمون ان الهة وان صورهم كصور الناس فان اولائك لم يقولوا شيئا اخر ما خلا ان ناسا سرمديون وهولاء ايضا كذلك قولهم يريد ان قول القائلين بالصور شبيه بقول من زعم ان الاله والالهة على صور الناس كما يوجد ذلك فى الشرائع الموجودة فى زماننا هذا فان هذين القولين كما قال يجمعهما انهم يضعون اناسا خالدين واناسا كائنين فاسدين مع اتفاقهما فى الحد والاسم ولما ذكر الشناعة التى تلزم من قال بالصور اخذ يذكر الشناعة التى تلزم من قال بالصور المتوسطة بين المحسوسات والصور المفارقة فقال وايضا ان ادعى احد ان جواهر فيما بين الصور والجواهر المحسوسة غير الصور المحسوسة فيلحق قوله مسائل غامضة كثيرة يريد انه يلزم قوله شكوك كثيرة لا يقدر على حلها ثم شرع فى ذكر الشكوك والشناعات التى تلزم هولاء فقال لانه ان كانت جواهر اخر فيما بين الصور والمحسوسات فمعلوم انه كذلك تكون خطوط غير خطوط الصور وغير الخطوط المحسوسة وكذلك كل واحد من سائر الاجناس يريد وذلك انه ان كانت هاهنا صور متوسطة بين الصور المفارقة والصور المحسوسة فيكون مثلا للجسم والسطح والخط وغير ذلك من موضوعات التعاليم ثلثة انواع من الصور صور مفارقة وصور محسوسة وصور متوسطة بين المفارقة والمحسوسات فيكون هاهنا ثلثة انواع من الاجسام وثلثة انواع من السطوح والخطوط وكذلك الامر فى سائر الاجناس التى تنظر فيها التعاليم ولما ذكر هذا اخذ يذكر سائر الشناعات اللازمة لهذا الوضع فقال فان كان علم النجوم واحدا من هذه الاشياء فستكون سماء اخرى غير السماء المحسوسة وكذلك شمس اخرى وقمر وسائر الاشياء التى فى السماء المحسوسة يريد وان كان ذلك كذلك وكان علم افلاك النجوم من علوم التعاليم فيكون هاهنا سماء غير السماء المحسوسة وكذلك يكون الامر فى القمر والشمس وفى سائر الكواكب والافلاك ولما كان كالمعلوم بنفسه سقوط هذا القول قال ولاكن كيف ينبغى لنا ان نصدق هولاء لانه ليس من الواجب ان تكون السماء التى ادعوها غير متحركة يريد انه انما كان يسوغ قولهم لو امكن ان تكون السماء التى ادعوها المفارقة غير متحركة وذلك لا يمكنهم لانهم يضعون السماء المفارقة موافقة لهذه فى الاسم والحد والمفارق ليس يمكن فيه حركة وقوله وكذلك نقول فى الاشياء التى يستعملها الابطيقى يعنى علم البصر والتى يستعملها علم تاليف اللحون التعليمى يريد ومثل هذه الشناعات تلزمهم فى علوم المناظر وعلوم الموسيقى اعنى وضعهم ان هاهنا شعاعات واصوات غير المحسوسات ثم قال فانه لا يمكن ان تكون هذه الاشياء غير المحسوسة للعلل التى قلنا يريد فانه ليس يمكن ان تكون هذه العلوم تنظر فى شىء غير هذه المحسوسات للمحالات التى قلنا ثم اتا بامحل المحال اللازم لذلك فقال لانه ان كانت اشياء محسوسة فيما بين الصور والاشياء البالية الفاسدة فمعلوم انه ستكون حواس وحيوان فيما بين الصور والاشياء الفاسدة يريد ان هذا يلزمهم من قبل انهم يسلمون ان التعاليم تنظر فى اشياء محسوسة ويضعون هذه الاشياء متوسطة بين الصور المعقولة وهذه المحسوسات الكائنة الفاسدة ويقولون انها محسوسات ازلية غير المحسوسات الكائنة الفاسدة واذا كانت هاهنا محسوسات ازلية غير هذه المحسوسات لزم ان تكون هاهنا حواس غير هذه الحواس وتكون ايضا ازلية لان الحس من المضاف واذا كانت هاهنا حواس ازلية فهنا ولا بد حيوانات ازلية فهذا مقدار ما يلزم هولاء من الشناعات
[8] Textus/Commentum
Bogga 209