52

شرح لمعة الاعتقاد - ناصر العقل

شرح لمعة الاعتقاد - ناصر العقل

Noocyada

تكليم المؤمنين في الآخرة قوله: (وأنه سبحانه يكلم المؤمنين في الآخرة)؛ هذا ورد في الصحيحين مقرونًا بأحاديث الرؤية ومنفصلًا عنها. كما ورد أن الله ﷿ يكلم الخلائق يوم القيامة بكلام يسمعه من قرب كما يسمعه من بعد، وورد هذا في أحاديث حسنة أقرها السلف. كما ورد أنه يكلم عباده أفرادًا المؤمن وغير المؤمن، يكلمهم بواحًا ليس بينه وبين أحدهم ترجمان، كما ورد في الأحاديث الصحيحة، وأنه يعاتب عباده ويقرر لهم أفعالهم في الدنيا: ألم تفعلوا كذا؟ ألم أنعم عليكم بكذا؟ ألم أقدر لكم كذا؟ فيقول أحدهم: بلى يا رب! بلى يا رب! هذا أيضًا تكليم خاص، لكنه ﷿ يكلم الكفار على جهة التوبيخ، فلا يشعرون بلذة هذا التكليم، ولا يهنئون به؛ لأنهم مذنبون، والمذنب يحس بذنبه أمام ربه. أما المؤمنون فإنهم ينعمون بهذا التكليم كما ينعمون برؤيته نسأل الله ﷿ أن يجعلنا جميعًا منهم. قوله: (ويأذن لهم فيزورونه)، هذا ورد في أحاديث بعضها موقوف وبعضها مرفوع، لكن أغلبها فيه ضعف، وفيها أحاديث حسنة، وقبل أن يورد الآيات أحب أن أذكر الخلاصة التالية بإيجاز: أولًا: أن كلام الله ﷿ -كما ذكرت- أزلي النوع، يعني: أنه متكلم سبحانه منذ الأزل؛ لأنه ﷿ الأول الذي ليس قبله شيء، بما في ذلك صفاته وأفعاله. أحاديث الآحاد لها تعلق بالكلام بمشيئة الله، ويعني ذلك: أن الله ﷿ يتكلم متى شاء بما يشاء ﷾، وأن كلامه بحروف وأصوات مسموعة. ثانيًا: أن كلام الله يسمع من قبل من يكلمهم، يسمعه الله ﷿ من يشاء من عباده، فقد أسمع بعض رسله، وأسمع ملائكته، ويسمع عباده يوم القيامة، ويسمع من يشاء في الدنيا ممن ورد فيهم النص، أما دعوى السماع من الله ﷿ بغير نص فهي ضلالة، فمن ادعى أنه سمع من الله ﷿ بغير وحي فإنه بذلك كاذب، ومن ادعى أنه يسمع كلام الله ﷿ من غلاة الصوفية ونحوهم؛ فقد كذب على الله وأعظم عليه الفرية، إنما يثبت ما ورد في النصوص، وقد انقطع الوحي؛ فلا سبيل إلى إثبات ما لم يثبت عن النبي ﷺ.

3 / 4