لا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب
والقاعدة الثالثة: ولا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب، ولا نخرجه عن الإسلام بعمل.
قصده أن من وقع في ذنب مما توعد الله عليه لا نكفره بذنبه، وقد يرد على هذا إشكال وهو ماذا نقول في المسلم الذي وقع في مكفر مما ذكره الله ﷿ كقتال المسلم أو قتله، وقد ذكر النبي ﷺ أن قتال المسلم كفر، كذلك الذي يأتي السحرة والكهنة ويصدقهم، ذكر النبي ﷺ أن فعله كفر، وهناك أحاديث وعيد عامة مثل: (من غشنا فليس منا) قد يفهم منها البعض يعني الكفر، وهذا أيضًا فهم بعيد، لكن قد يفهم منه.
على أي حال هناك نصوص ورد ذكر الكفر فيها بالنسبة لمن فعل أو قال أو اعتقد، وهو من أهل القبلة، فهذا النوع من الكفر يعد غير مخرج من الملة، وهو الكفر الذي يعد من الكبائر، ومن فعله يبقى من أهل القبلة ولا يكفر مطلقًا، وقد يطلق عليه أحيانًا الكفر دون المخرج من الملة، كما يسميه بعض السلف كفر دون كفر، لكن لا يسمى كافرًا بإطلاق، يقال فعلت كفرًا، أو فعلك هذا كفر، أو من فعل ذلك فقد كفر، لكن لا نخرجه عن الإسلام بمجرد الذنب وإن كان كبيرة من الكبائر، ما لم يكن الذنب هو الشرك أو الذنب الذي يخرج من الملة بنص آخر قطعي يدل على إخراجه من الملة.
ثم كذلك ذكر العمل فقال: (ولا نخرجه من الإسلام بعمل)، يقصد بذلك ما هو أعم من مجرد الذنب، العمل عمل القلب وعمل اللسان والجوارح، أي إذا عمل عملًا من الأعمال التي تقتضي كفره ظاهرًا فإنه لا يكفر، فضلًا عما هو دون ذلك من الكبائر، كالربا والسرقة والظلم وغير ذلك، فإن هذه الأمور كبائر لكن لا يخرج من الإسلام بمجرد عملها، وهذا ينسحب على حكمه في الدنيا وحكمه في الآخرة.
كذلك في مماته لا يحكم عليه إذا مات على هذه الكبيرة بأنه كافر، وبعد مماته كذلك لا نقول إنه في الآخرة حكمه حكم الكفار، ولا نقول بأنه من المخلدين في النار، بل نقول إنه تحت مشيئة الله إذا مات على كبيرته وذنبه، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، ثم يجزم بأنه من عذب فيخرج بشفاعة النبي ﷺ لأهل الكبائر من أمة الإسلام.
6 / 24