الإيمان بالشفاعة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ويشفع نبينا ﷺ فيمن دخل النار من أمته من أهل الكبائر، فيخرجون بشفاعته بعد ما احترقوا وصاروا فحمًا وحممًا] بمعنى أنهم بعد أن يُعذّبوا زمنًا حسب تقدير الله ﷿ ومشيئته يشفع لهم النبي ﷺ فيدخلوا الجنة.
ذكر الشفاعة وهي شفاعة النبي ﷺ لأهل الكبائر من أمته، وهذه قطعية متواترة، أنكرتها الخوارج والمعتزلة وكثير من الفرق التي سارت على نهج هاتين الفرقتين، ومنها على سبيل المثال طوائف الآن من المفكرين ومن العصرانيين، ومنها الإباضية، فإنها تُنكر الشفاعة لأهل الكبائر إلى يومنا هذا رغم تواترها في النصوص نسأل الله العافية من هذه الآراء الباطلة، وأن أهل الكبائر يدخلون الجنة بعد أن يُعذّبوا في النار ما شاء الله ﷿ أن يُعذّبوا، والشفاعة لأهل الكبائر شاملة لغير هذه الأمة أيضًا، فكل نبي يشفع لأهل الكبائر من أمته.
ثم قال: [ولسائر الأنبياء والمؤمنين والملائكة شفاعات].
أي: شفاعات متعددة وليست شفاعة واحدة، بمعنى أن هناك أنواعًا من الشفاعات وأنواعًا من الشفعاء، فالنبي ﷺ له شفاعات كثيرة منها المقام المحمود الذي ذكرته، وهو الشفاعة لأهل الموقف بأن يفصل الله بينهم، ثم شفاعته ﷺ لطوائف من أهل الجنة تُغلق أمامهم أبوابها، فيشفع لهم بأن تُفتح لهم أبوابها، وشفاعته ﷺ لأهل الكبائر، وقد ذكرتها، وشفاعته ﷺ لأناس استحقوا النار عند الحساب ألا يدخلوها، وشفاعته ﷺ لبعض أهل الجنة أن يزاد لهم من نعيمها ويرتقوا في درجاتهم، وشفاعته لعمه أبي طالب بأن يخفف عليه من عذاب النار.
وكذلك الأنبياء والملائكة لهم شفاعات في المؤمنين، بمعنى أن الشفاعة لا يمكن أن تشمل أهل النفاق والشك والكفار الخلّص، ولا تكون إلا للمؤمنين من أهل الكبائر أو من دونهم ممن يستحق شفاعة ما، ممن لم يكن من أهل الكبائر، أو دخل الجنة لكن قد يُشفع له في زيادة نعيم ونحو ذلك.
إذًا الشفاعة لا تكون إلا للمؤمنين، ولا تكون أيضًا إلا برضا الله ﷿ عن المشفوع له، وإذنه للشافع بأن يشفع.
الشافعون: هم الرسل والأنبياء والمؤمنون والملائكة.
وقد ورد أن للقرآن شفاعة لصاحبه بأن يرتقي في درجات الجنة حينما يقال له: اقرأ وارق، وورد أن القرآن يؤانس صاحبه في القبر، وورد أن القرآن له شفاعات الله أعلم بها.
وورد أن الصيام له شفاعة، وورد أن أطفال المسلمين الذين يموتون قبل سن البلوغ إذا احتسبهم والدوهم فإنهم يشفعون لهم، وهذا ثابت في الحديث عن النبي ﷺ.
5 / 25