133

Sharh Lum'at al-I'tiqad by Khalid Al-Mosleh

شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح

Noocyada

خلق أفعال العباد
قال ﵀: (خلق الله الخلق وأفعالهم): خلق الله الخلق، أي: الأعيان، وأفعالهم: أي: ما يصدر عنهم من أعمال وأقوال وسائر ما يعد من كسبهم سواء كان ظاهرًا أو مستترًا، فكله خلق الله جل وعلا كما قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:٩٦]، وسيأتي دليل ذلك في كلام المؤلف ﵀.
قال: (وقدر أرزاقهم وآجالهم): أرزاقهم، أي: أرزاق الخلق، وآجالهم: أي: أعمارهم، وتقدير الأرزاق والآجال هو على مراحل ومراتب، فالتقدير الكلي السابق هو الذي جرى به القلم لما قال الله جل وعلا له: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة، كما في حديث عبادة وغيره، فهذا تقدير سابق، وجاء أيضًا في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي ﷺ قال: (أن الله قدر مقادير الأشياء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) .
وهناك أيضًا التقدير الذي يكون في الأرحام، وهو ما جاء به الخبر عن جماعة من الصحابة ﵃ عن النبي ﷺ قال: (إن الله يبعث ملكًا فيكتب أجل الإنسان وعمله ورزقه، وشقي أو سعيد) جاء هذا في حديث ابن مسعود، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث حذيفة وغيرهم.
وقد اتفق سلف الأمة على أن الشقي من شقي في بطن أمه، أي: أن الشقاء يكتب قبل الخلق، وقد أشار حديث ابن مسعود الذي في صحيح مسلم إلى مراحل وأطوار الخلق، وما يكون من مجيء الملك لكتابة الأربع الكلمات التي تكون قبل خلق الإنسان.
قال ﵀: (يهدي من يشاء برحمته، ويضل من يشاء بحكمته): وهذا يدل على أن ما يكون من هداية المهتدين ومن ضلال الضالين، إنما هو بمشيئة الله ﷿، ومشيئته ليست مجردة عن حكمته بل كل ما شاءه فلحكمة، فهو الحكيم الخبير سبحانه وبحمده.

9 / 6