158

Sharh Lumat al-I'tiqad by Al-Mahmood

شرح لمعة الاعتقاد للمحمود

Noocyada

معرفة العرب أن القرآن كلام الله، وطعنهم فيه
ثم قال رحمه الله تعالى: [وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ﴾ [سبأ:٣١]] .
وهذا للاستدلال على أن هذا القرآن هو كلام الله، وأن هذا المتلو بالأحرف العربية والكلام العربي هو كلام الله، فهذا يدل على أنه كلام الله، وأن الله تكلم به بحرف وصوت.
ثم قال: [وقال بعضهم: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ [المدثر:٢٥]، فقال الله ﷾: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ [المدثر:٢٦]] .
وقوله: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ [المدثر:٢٥]، معروف أن هذا قاله المشركون، وورد في بعض الروايات أن الذي قال هذا هو الوليد بن المغيرة.
وقوله: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ [المدثر:٢٥] أي: ما هو إلا قول محمد، وليس كلام الله ﷾، فكذبهم الله ﷾ ورد عليهم بقوله: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ [المدثر:٢٦]، وهذا لبيان أن دعواه أنه قول البشر كذب، بل هو كلام الله ﷾، فكيف يأتي قائل ويقول: هذا كلام محمد، أو يقول: إنه مخلوق؟! بل هو كلام الله منزل غير مخلوق، وهذا نص صريح على أن الله تكلم به، وأنه كلام الله تعالى، ولهذا رد الله على ذلك المشرك الباغي الذي قال: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ [المدثر:٢٥]، فمن قال: إنه قول محمد فهو شبيه بـ الوليد بن المغيرة الذي قال: إن هو إلا قول البشر، نسأل الله السلامة والعافية.
ثم قال المصنف ﵀: [وقال بعضهم هو شعر، فقال الله تعالى: ﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ﴾ [يس:٦٩]] .
أي: ما علمنا الرسول ﷺ الشعر، وما ينبغي للرسول أن يكون شاعرًا، وإنما هذا الذي بلغكم إياه هو كلام الله ﷾ وذكر مبين.
فسموه شعرًا لأن الشعر أحرف وكلمات، لكن الله ﷾ رد عليهم فقال: ﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ﴾ [يس:٦٩] .
إذًا: هذا القرآن هو كلام الله وليس كلام شاعر، وهذا يدل على أن العرب كانوا يفهمون من القرآن أنه كلمات شبيهة بكلام العرب وأحرف وكلمات شبيهة بكلام الشعراء، ولهذا قالوا: هو شعر، فرد الله عليهم ببيان أنه ليس بقول شاعر، وأن الرسول لا ينبغي له أن يكون شاعرًا، وإنما هو كلام الله ﷾.
ويفهم من هذا أن القرآن كلام الله، وأنه كلمات، وأنه حروف، وأن العرب فهموا منه هذا، ولهذا لم يعترضوا على هذا وإنما اعترضوا على أن يكون كلام الله ﷾.
أما أولئك المتكلمون فإنهم يقرون أنه من الله، لكن ينكرون أن يكون كلام الله، ولا شك أن كلامهم غير صحيح.
ثم قال ابن قدامة ﵀: [فلما نفى الله عنه أنه شعر وأثبته قرآنًا لم يبق شبهة لذي لب في أن القرآن هو هذا الكتاب العربي الذي هو كلمات وحروف وآيات؛ لأن ما ليس كذلك لا يقول أحد إنه شعر] .
وهذا كلام واضح الدلالة من ابن قدامة رحمه الله تعالى؛ فهو تعليق جيد بين القضية التي شرحناها قبل قليل، فالعرب على فطرتهم كانوا أفقه -وإن كانوا كفارًا- في مثل هذه المسائل من أولئك المتمسلمين الذين خاضوا في هذه المسائل بلا علم.

7 / 17