Sharh Kitab Al-Jami Li-Ahkam Al-Umrah Wal-Hajj Wal-Ziyarah - Hutaibah
شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - حطيبة
Noocyada
بيان الأوقات التي يمتنع الإحرام بالعمرة
ذكرنا أن كل السنة يجوز أن تعتمر فيها سواء في أشهر الحج أو في غير أشهر الحج، ولكن قد يمتنع الإحرام بعمرة لسبب معين: وهو أن يكون الإنسان محرمًا بالحج، فلا يجوز له الإحرام بالعمرة بعد الشروع في التحلل من الحج، إلا إذا نوى الحج وأحرم به، ثم بدا له أن يتمتع كما أمر النبي ﷺ أصحابه، ففسخ الحج وأتى بعمرة، فصار متمتعًا، ثم أتى بمناسك الحج في وقتها، فالراجح أن مثل هذا جائز، لكن إدخال العمرة على الحج لا يجوز، فجمهور الفقهاء على المنع من ذلك.
وكذا لا يصح إحرامه بالعمرة قبل الشروع في التحلل، فمثلًا: لو أن إنسانًا أحرم بالحج وفي يوم التروية ذهب إلى منى، وفي يوم عرفة ذهب إلى عرفة، وبعد ذلك ذهب إلى المزدلفة، ثم رجع إلى منى، وهناك سيبدأ يتحلل من الحج، ففي هذه الحالة المشروع لك أن تتحلل، فكيف تذهب وتحرم في الوقت الذي عليك أن تتحلل فيه؟ فهذا ممنوع من العمرة، فلو أن إنسانًا خطر بباله وقال: سأذهب إلى البيت قبل أن أتحلل من الحج وآتي بعمرة وأرجع وأتحلل من الاثنين مع بعض، فهنا يقول العلماء: ليس له أن يفعل ذلك، يقول الشافعي ﵀: ولا وجه لأن ينهى أحد عن أن يعتمر يوم عرفة ولا ليالي منى إلا أن يكون حاجًا.
يعني: في يوم عرفة وليالي منى يجوز للإنسان إذا كان من أهل مكة أو موجودًا في مكة ولم يحج ذلك العام أن يأتي بعمرة فيها، أما الحاج فيقول الشافعي ﵀: هو معكوف بمنى على أعمال من عمل الحج وهو الرمي والإقامة بمنى طاف للزيارة أو لم يطف، فإن اعتمر وهو في بقية إحرام حجه أو خارجًا من إحرام حجه، وهو مقيم على عمل من أعمال حجه فلا عمرة له.
يعني: هو الآن منشغل بأعمال الحج، منشغل بالمبيت في منى، ومنشغل بالرمي، فيجوز له أن يذهب ويطوف بالبيت إن شاء كل ليلة من ليالي منى، لكن لا يؤدي عمرة، هذا كلام الشافعي.
أما الأحناف فقالوا: العمرة تكره تحريمًا يوم عرفة وأربعة أيام بعده، فيوجبون الدم على من فعل ذلك.
وقال المالكية: إن أحرم بالعمرة قبل الزوال من اليوم الرابع من أيام النحر لم ينعقد إحرامه، فإذا كان هو في أيام منى وأحرم بالعمرة في أول يوم أو ثاني يوم أو ثالث يوم من أيام النحر أو رابع يوم قبل الزوال فيقولون: لن ينعقد الإحرام.
ويقول المرداوي الحنبلي: لو أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها.
إذًا: الأئمة الأربعة والفقهاء من المذاهب الأربعة على أنه لا يجوز له أن يحرم بالعمرة وهو متلبس بمناسك الحج، خاصة إذا بدأ في التحلل من أعمال الحج.
أجمع العلماء على جواز العمرة قبل الحج، سواء حج في سنته أم لا، وكذا الحج قبل العمرة، فلو أن إنسانًا اعتمر في شهر شوال ورجع إلى بلده مرة ثانية، فليس شرطًا أن نقول له: انتظر حتى يأتي عليك الحج، ولكن يجوز أن يرجع إلى بلده، وله أن يرجع بعد ذلك حاجًا أو لا يرجع في ذلك العام.
روى البخاري عن عكرمة بن خالد أنه سأل ابن عمر ﵄ عن العمرة قبل الحج، فقال: (لا بأس، قال عكرمة: قال ابن عمر: اعتمر النبي ﷺ قبل أن يحج) ابن عمر يحتج بأن النبي ﷺ اعتمر قبل أن يحج صلوات الله وسلامه عليه.
وكان النبي ﷺ يعتمر في ذي القعدة ثم يرجع للمدينة، ليبين أنه يجوز للإنسان إذا اعتمر في ذي القعدة أن يرجع إلى بلده، ولا يجب عليه أن يمكث حتى يأتي وقت الحج.
وفي الصحيحين عن أنس: (أن رسول الله ﷺ اعتمر ثلاث عمر قبل حجته ﵊.
3 / 4