ثم أقول: إنه يجوز كما قال قوم من علماء اللسان أن تكون الحوائج جمع حوجاء، وقياسها حواجٍ كصحار جمع صحراء، ثم قدمت الياء على الجيم فصارت حوائج، والقلب في كلامهم مطروق، مشهور، كثير جدًا، كما في أبوابه من الدواوين النحوية والصرفية، وعليه فوزنه «فعالي»، ثم «فعائل»، والله أعلم.
والفعل احتاج كما مر، وحاج يحوج حوجًا كقال، حكاها الجوهري وأنشد عليها قول الكميت:
غنيت فلم أرددكم عند بغيةٍ ... وحجت فلم أكددكم بالأصابع
قلت: أكددكم معناه: أشر إليكم، قال في الصحاح: الكد: الشدة في العمل وطلب الكسب، وكددت الشيء: أتعبته، والكد: الإشارة بالإصبع كما يشير السائل، وأنشد البيت المذكور. ومثله في الدواوين اللغوية. ويتعدى حاج بالألف، فيقال: أحوجته إلى الغير، أي جعلته محتاجًا إليه، أو أفقرته إليه، ويستعمل أحوج الرباعي لازمًا أيضًا، فيقال: أحوج فلان، فهو محوج، أي: احتاج كما أشار إليه في القاموس والصحاح والمصباح وغيرها. وبما سبق علم أن احتاج وحاج - كقال - لازمان، وأن أحوج يستعمل لازمًا ومتعديًا، والله أعلم.
تنبيه: القياس في محوج أن يجمع جمع مذكرٍ سالمًا كمكرم ومحسن، فيقال: «محوجون»، إلا أن الناس يقولون في الجمع محاويج مثل مفاليس، حتى إن بعض أهل اللغة ينكره، ويقول إنه ليس بممسوع من العرب
1 / 86