أن اللغة تكون بالقرائن، فقال في الخصائص: من قال إن اللغة لا تعرف إلا نقلًا فقد أخطأ فإنها تعلم بالقرائن أيضًا. واستدل بأمور لا تخلو عن نظر تام. والذي تميل إليه النفس أنها إنما تدرك بالنقل المحض أو الممزوج بالعقل كما أشار إليه في المحصول، ولذلك منع جمع من المحققين ثبوتها بالقياس، وصرحوا بأن القياس لا يجري في شيء من اللغة كما أشار إليه أبو الفتح بن برهان في كتاب «الوصول إلى الأصول» وإمام الحرمين في «البرهان»، والغزالي في «المنخول» وغيرهم. والله أعلم.
الفائدة الثامنة:
في سعة اللغة وعدم الإحاطة بها. أشار إليه ابن فارس في مواضع من فقه اللغة، وعقد له أبوابًا فقال: باب القول على لغة العرب وهل يجوز أن يحاط بها؟ . قال بعض الفقهاء: كلام العرب لا يحيط به إلا نبي، وهذا كلام حري أن يكون صحيحًا، وما بلغنا أن أحدًا ممن مضى ادعى حفظ اللغة كلها، ثم أخذ في تبرئة الخليل مما وقع في آخر كتاب العين المنسوب له من قوله: «هذا آخر كلام العرب»، وتنزيهه عن مثل هذا القيل لورعه وتقواه، ولمراقبته لله في سره ونجوه. قلت: وما نقله في صدر هذا الباب عن بعض الفقهاء هو نص الإمام الشافعي ﵁ فقد قال في أول الرسالة: لسان العرب أوسع الألسنة مذهبًا، وأكثرها ألفاظًا، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي، ولكن لا يذهب منه شيء على عامتنا حتى لا يكون موجودًا فيها من يعرفه، وأطال في تفصيل ذلك. وقال ابن فارس في موضع آخر من الفقه: باب القول على أن لغة العرب لم تنته إلينا بكليتها، وأن الذي جاءنا عن العرب قليل من كثير، وأن كثيرًا من الكلام ذهب بذهاب
1 / 80