فإن عطفت على الزمان الذي تدخل عليه فلا يخلو أن تعطف حالا على حال أو ماضيا على ماض أو حالا على ماض أو ماضيا على حال.
فعطف الحال على الحال يتصور فتقول: ما رأيته مذ يومنا وليلتنا ومذ شهرنا وعامنا. ويكون في بعض هذه المسألة ما في قوله تعالى: {فيهما فكهة ونخل ورمان } (الرحمن: 68). وقوله: {من كان عدوا لله وملئكته ورسله وجبريل وميكل} (البقرة: 98). من تكرار ما يدخل تحت عموم ما قبلها.
فإن عطفت ماضيا على ماض لم يجز، قدمت المتقدم في الزمان أو أخرته فلايجوز: ما رأيته مذ يوم الخميس ويوم الجمعة، لأن قولك: مذ يوم الخميس يقتضي أنك لم تره في يوم الجمعة وقولك ويوم الجمعة يقتضي أنك رأيته في أوله، لأن مذ إذا دخلت على الماضي المعرفة كانت لابتداء الغاية، والفعل واقع في أول ذلك الزمان ثم يتصل انقطاعه، فلما كان التناقض والكذب لم يجز. وكذلك لو قدمت يوم الجمعة فقلت: ما رأيته مذ يوم الجمعة ويوم الخميس لم يجز لأن يوم الخميس يقتضي أنك رأيته في أوله ثم انقطعت الرؤية فيما بعد، وقولك: يوم الجمعة يقتضي أنك رأيته في أوله وذلك تناقض.
فإن قيل: هل يجوز النصب على إضمار فعل؟ فالجواب أن تقول: إنك إن بدأت بالمتأخر جاز فقلت: ما رأيته مذ يوم الخميس ويوم الأربعاء،لأن الرؤية انقطعت عن ما بعد يوم الخميس ثم أخبرت أنك لم تره يوم الأربعاء، ولو عكست فبدأت بالمتقدم لم يجز وكان عيا. لأنك إذا قلت: ما رأيته مذ يوم الخميس ويوم الجمعة، اقتضى يوم الخميس أنك لم ترد يوم الجمعة، فلا فائدة في قولك بعد يوم الجمعة.
Bogga 114