علموني كيف أبكيهم
إذا خف القطين
فأعمل في القطين خف وأضمر لأبكي مفعوله قبل الذكر من غير ضرورة دعت لذلك إذ قد يجوز له حذفه.
فإن كان المنصوب لا يجوز حذفه أصلا وذلك كأحد مفعولي ظننت وبابه ففيه للنحويين ثلاثة مذاهب، منهم من قال أضمره قبل الذكر. ومنهم من قال: أضمره وأؤخره وأفرق بينه وبين الفاعل في ذلك كأن الفاعل إذا أضمر كان مع الفعل كالشيء الواحد ولذلك يسكن له آخر الفعل في نحو: أكرمت وضربت، فلم يجز تأخره لذلك لئلا يفصل بينه وبين ما يعمل فيه بجملة وهو العامل الثاني، وأما المفعول فجاز تأخيره لأنه ليس مع الفعل كالشيء الواحد، ولذلك لم يسكنوا له آخر الفعل.
ومنهم من ذهب إلى أنه يحذف إذ الحذف في هذا الباب إنما هو حذف اختصار لأنه حذف لفهم المعنى وحذف الاختصار في باب ظننت قد تقدم الدليل على أنه يجوز.
وهو أصح المذاهب، إذ الإضمار قبل الذكر والفصل بين العامل والمعمول لم تدع إليهما ضرورة وذلك نحو: ظنني وظننت زيدا قائما، فعلى المذهب الأول تقول: ظننيه وظننت زيدا قائما (وعلى الثاني: ظنني وظننته زيدا قائما إياه، وعلى المذهب الثالث: ظنني وظننت زيدا قائما) وهو الأولى لما تقدم فإن احتاج الأول إلى مرفوع ففي المسألة ثلاثة مذاهب.
مذهب سيبويه رحمه الله الإضمار قبل الذكر ومذهب الكسائي حذفه فاعلا كان أو مشبها بالفاعل ومذهب الفراء: إن كل مسألة يؤدي فيها إعمال الثاني إلى الإضمار قبل الذكر على مذهبنا أو إلى حذف الفاعل على مذهب الكسائي فإنها لا تجوز ولا يوجد ذلك في كلام العرب، فأما ما وجد من قولهم: قام وقعد زيد، فإن زيد عنده مرتفع بالفعلين معا، فلا يجوز عنده إعمال الثاني مع احتياج الأول إلى مرفوع إلا أن يتساوى العاملان في الرفع فيكون الاسم مرفوعا بهما.
Bogga 76