Sharh Jumal Zajjaji
شرح جمل الزجاجي
Noocyada
وهذا الذي ذكره فاسد، لأنه قد قدمنا أن كليلا على مذهب سيبويه إنما يكون من كلل.
فإن قيل: فلعله كما ذكر أبو العباس من أن موهنا منصوب على الظرف، كأنه قال: كليل موهنا، أي ضعيف في موهن.
فالجواب: إنه إن حمل على ما ذهب إليه المبرد تناقض مع قوله: وبات الليل لم ينم. ألا ترى أنه إذا ضعف موهنا وكان عملا في وقت آخر فإنه في الوقت الذي ضعف فيه قد نام. وكذلك أيضا إن جعل عمل بمعنى تعب كما ذهب إليه بعض الناس كان متناقضا لأنه إذا كان ضعيفا تعبا في موهن فقد ينام في ذلك الموهن فيتناقض ذلك مع قوله: وبات الليل لم ينم، فثبت أن كليلا بمعنى مكل موهنا لكثرة خفقه فيه كما يقال: أتعبت نهارك بكثرة عملك فيه. فإن قيل: فلأي شيء جعله مكللا موهنا. وإنما هو مكلل الليل بدليل قوله: وبات الليل لم ينم؟ فالجواب إنه أوقع موهنا موقع مواهن الليل كلها، فهو من وضع المفرد موضع الجمع الجائي في ضرورة الشعر نحو قوله:
كلوا في بعض بطنكم تعفوا
... البيت
أي في بعض بطونكم. فثبت إذن أن فعلا وفعيلا يعملان عمل اسم الفاعل قليلا.
وحكم هذه الأمثلة كحكم اسم الفاعل من التقديم والتأخير والإضافة والفصل، وأن الإضافة غير محضة، وسائر أحكام أسماء الفاعلين إلا ما ذكره ابن خروف من أن هذه الأمثلة قد تعمل عمل اسم الفاعل بمعنى المضي، واستدل على ذلك بأنها لما فيها من معنى المبالغة ساغ ذلك فيها وأنشد دليلا على ذلك قوله:
بكيت أخا اللأواء يحمد يومه
.. البيت
ألا ترى أنه يندب ميتا، فدل ذلك على أنه يريد بضروب معنى الماضي. وهذا الذي ذهب إليه فاسد، بل هو محمول على حكاية الحال كما تقدم ذلك في قوله تعالى: {وكلبهم بسط ذراعيه بالوصيد} (الكهف: 18).
Bogga 36