Sarh Jalinus li kitab Abuqrat al-musamma Ifidimiya
شرح جالينوس ل كتاب أبقراط المسمى افيذيميا
Noocyada
ومن تلك الخبرة أيضا أنه لم يكن تقدم حدوث ذلك الورم شيء يحدثه بعد وذلك أن الغلام لم يكن عدا عدوا مجحفا ولا ضرب على ركبته ولا وثب ولا ظفر خندقا فناله من ذلك سوء. ولا كان في بدنه شيء من علامات الامتلاء ولا كان أيضا ما تقدم من تدبيره مشاكلا لحدوث ذلك الورم وذلك أنه لم يكن خلط ولا أكثر من المطعم والمشرب ولا تودع فأفرط في التودع. ولما سألناه أيضا عن وجعه كيف يجده وأي نحو هو تلكن وتلجلج وتناقض فقال مرة: «إني أحس في ذلك المفصل مني كله بتمدد» وقال مرة أخرى: «إني أحس في باطنها بضربان» وقال أخرى: «إني أحس كأنه ينشب فيها سهم» وقال أخرى: «إني أحس كأنه انتخس نخسا» وقال: «إني أحسها ثقيلة كالحجر» ثم قال: «إني أحس بالوجع في الرجل كلها على هذا المثال» ثم قال: «إني أحس بوهن في العظم». فلما أن خرج مولاه قلت: «إني أطلي على ركبتك دواء فيسكن ما بها من الوجع على المكان» ثم طليت عليها دواء ليس معه من تسكين الوجع شيء أصلا وإنما شأنه تبريد تلك الحرارة التي تولدت من الينتون فقط. فلم يلبث ذلك العبد إلا سويعة حتى أقر أن وجعه قد سكن عنه أصلا. ولو كان ذلك الوجع بالحقيقة من ورم حار من سبب من داخل لكان ذلك الدواء المبرد سيزيد في شدة الوجع فضلا عن أن يسكنه.
فقد علم من هذا مبلغ الانتفاع «بالخبرة» بالطب في هذا الباب إذا أضيف إلى ما «يتخلص» بالذهن والفكر ويحتال فيه لتعرف الوجع الشديد الصعب.
وقد يوجد هذا الاسم الذي يدل على «حسن التخلص» وهو باليونانية «أوبوريا» بالباء مكتوبا في بعض النسخ بالفاء «أوفوريا» وهذا الاسم المكتوب بالفاء يدل على «خفة البدن وهدوئه» والمعنى على حسب هذه النسخة أن خفة البدن وهدوءه علامة تدل على أنه ليس بالمدعي للوجع منه شيء شديد صعب. فإن ذلك مما قد يكون كثيرا ألا يفطن الموهم بأنه يجد الوجع الشديد بأنه ينبغي له أن يضطرب ويقلق ويلقي نفسه يمنة ويسرة ويتشكل بأشكال مختلفة حتى يوهم أن به من الوجع ما يقلقه ويكربه وإذا لم يفطن لذلك ووجد قارا هادئا دل ذلك على أنه ليس به من الوجع ما يدعي.
Bogga 266