وقد استقصيت الأمر في التشريح في كتابي في علاج التشريح. من ذلك أن كل حيوان يكون اللحي منه عظيما فإن عضلة الصدغ تكون عنه عظيمة وكل حيوان تكون أسنانه أسنانا قوية وفقار رقبته شديدة فإن تلك العضلة تكون منه قوية وتكون مع ذلك أعظم مما هي في غيره. وكل حيوان أيضا اللحي منه أعظم فإن اللسان منه أعظم وفيما كان من الحيوان كذلك فإن الأجسام التي تسند وتدعم وتثبت العظم الذي يشبه بحرف اللام من كتاب اليونانيين تكون قوية عظيمة وثيقة. وكل حيوان يكون اللحي منه صغيرا جدا فإن اللسان منه يكون صغيرا ولا يوجد فيه لذلك العظم الشبيه باللام دعامة عظيمة أصلا خلا رباطات دقاق ويحيط بجميع هذه من العضل ما هو أقل عظما وعددا من العضل الذي في الحيوان العظيم اللحي.
وأما في السباع فإن اللحي متوسط بين الكبر والصغر وكذلك اللسان. وعضلتا الصدغين منها قويتان عظيمتان والأجسام التي تدعم العظم الشبيه باللام ليست بالعظيمة والعضل الذي بها يحيط من العدد والعظم مقدار متوسط بين الحيوان الذي لحيه عظيم جدا وبين الحيوان الذي لحيه صغير جدا.
وإذا بطلت أيضا الرئة بطل معها ضرورة الحلقوم والحنجرة والرقبة والصوت والبطن اليمين من القلب فإنك لن تجد هذا البطن فيما يكون من الحيوان لا رئة له. وقد بينت في كتابي في منافع الأعضاء أن ببطلان الرئة تبطل جميع هذه إلا أن ببطلان واحد من هذه تبطل الرئة. وقد وصفت في ذلك الكتاب الأسباب التي من أجلها صار بعض الأعضاء يحدث بعضها مع بعض وبعضها يبطل بعضها مع بعض وبعضها يتزيد بعضها مع بعض وبعضها ينقص بعضها مع بعض ومنها ما يقاوم بعضها بعضا في حدوثها وتزيدها.
Bogga 184