قال جالينوس: ما أبعد عندي من قال إن هذه المقالة لم يكتبها أبقراط على أن يجعلها كتابا يقرؤه غيره من الناس وإنما جعلها تذكرة لنفسه. فإن عبارة كلامه فيها ناقصة عن أن تؤدي المعنى الذي قصد إليه به على الشرح التام. فذلك جائز أن يكون ممن إنما يكتب لنفسه ذكورا ولا يجوز أن يكون ممن يكتب كتابا يقرؤه الناس وإن كان في غاية التواني.
وكذلك الحال في هذا الكلام الذي قصدنا لتفسيره الآن فإن المعنى فيه ليس بغامض إلا أن ألفاظه ليست بمشبعة. والمعنى الذي قصد إليه هو ما أصف: إن الخروج يعني البحران وإن كان الميل فيه إلى عضو من الأعضاء دفعة فإن ذلك أفضل من أن يكون الميل مختلفا ناقصا وكانت فيه سائر الأمارات المحمودة التي وصفت قبل أنه ينبغي أن تكون موجودة في البحران الذي ينتفع به مثل أن يكون اندفاع ما يندفع من الأخلاط التي أحدثت المرض وأن يكون إلى عضو ليس بالشريف من عضو شريف وأن يكون إلى أبعد الأعضاء منه وفي أقصى موضع من أسافل البدن. فإنه وإن جمع هذه الأشياء كلها فليس بالمحمود «دون أن يكون بحسب مقدار المرض كله» يعني مقدار قوته ومقدار الفضل المولد له.
Bogga 152