قال جالينوس: إن في بعض النسخ «أن تجعل النظر» وفي بعضها «وينبغي أن تجعل النظر» والمعنى في النسختين جميعا معنى واحد وهو أن أبقراط يتقدم إليك أن تمتحن الأمراض وتختبرها وتستدل عليها من «الألوان» أولا. وقد وصف في كتاب تقدمة المعرفة أعلاما كثيرة جدا مأخوذة من الألوان منها ما وصفه في أول كتابه في الوجه الذي يدل على الموت ومنها ما وصفه بعد في سائر الأعضاء ومنها ما وصفه من الأعلام المأخوذة من ألوان ما يبرز من البدن مثل البول والقيء والاختلاف.
ثم تستدل من بعد اللون من مقدار «ضمور» البدن أو «انتفاخه» وقد وصف في ذلك الكتاب أمر ضمور البدن كله وضمور الوجه وخموص المواضع التي دون الشراسيف. ووصف أيضا الحال التي هي ضد هذه أعني الانتفاخ بأكثر مما ينبغي كان ذلك في عضو واحد من البدن أو كان في جميعه. وأما في هذا الموضع فأضاف إلى ذكره «الانتفاخ» اسم «العروق» وكأنه جعل ذلك مثالا يستدل به على الأمر العام الذي قصد لتعليمك إياه فإنه يريد أن تتعرف حال كل واحد من الأعضاء بما يظهر فيها من الانتفاخ والضمور.
وأما «ميل المواضع التي دون الشراسيف إلى فوق» فهو كأنه شيء من جنس تشنج العصب والعضل يعرض في ذلك المواضع. وقد نعلم أنه يدل إما على ورم يكون نحو الحجاب وإما على يبس شديد يكون هناك. وقد نجد في بعض النسخ «وميلها إلى أسفل» وهذا الاسم يدل على حال مضادة للحال الأولى.
Bogga 134