يقول: "وأما قول الترمذي: هذا حديث حسن صحيح فهو مشكل" نعم عرفنا وجه الإشكال؛ لأن الجمع بينهما في حديث واحد كالمتعذر لما تقرر من أن الحسن قاصر عن الصحيح فالجمع بينهما في حديث واحد جمع بين نفي ذلك القصور، وإثبات له، "فمنهم من قال -وهذا ما يرجحه ابن حجر-: ذلك باعتبار إسنادين أحدهما حسن والآخر صحيح" لكن الإشكال إذا قال: حسن صحيح غريب، يعني ماله إلا سند واحد، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، يقول الحافظ بن كثير -رحمه الله-: "قلت: وهذا يرده أنه يقول في بعض الأحاديث: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه "، ومع ذلك قال بعضهم أن مراده: حسن بإسناد، صحيح بإسناد، غريب بهذا اللفظ مثلا، لا نعرفه من هذا الوجه عن هذا الراوي، فإذا انفكت الجهات سهل الأمر، "ومنهم من يقول: إنه حسن باعتبار المتن صحيح باعتبار السند" يعني لفظه حسن، ألفاظه جميلة، صحيح
باعتبار الإسناد، يقول الحافظ ابن كثير: "وفي هذا نظر، فإنه يقول ذلك في أحاديث مروية في صفة جهنم" هل الحسن ما في بشرى للمسلم؟ إذا كان المراد به ذلك نعم، لكن إذا كانت ألفاظه جزلة وجميلة وقوية، وإن كان في صفة جهنم، الحسن حسن، اللفظ حسن وإن كان ليست فيه بشرى، بل فيه تحذير {ولكم في القصاص حياة} [(179) سورة البقرة] أبلغ ما قيل في الباب ألفاظ حسنة وجزلة وجميلة وهو قصاص، وهم يقولون: القتل أنفى للقتل .
يقول: "فإنه يقول ذلك في أحاديث مروية في صفة جهنم، وفي الحدود والقصاص ونحو ذلك" ابن الصلاح يقول: أنه غير مستنكر، يعني أن يطلق الحسن ويريد به حسن اللفظ وجماله وجزاله وقوته، ابن دقيق العيد أورد عليه أن الضعيف ولو بلغ رتبة الوضع قد يأتي بألفاظ حسنة، يستحسنها السامع ويتلذذ بسماعها ويميل إليها، حديث القصاص وأكثرها موضوعة، تلذذ الناس بسماعها، وأخبار الزهاد الموجودة في الكتب التي تعتني بذكر أخبارهم، الحلية وصفة الصفوة، فضلا عن طبقات الصوفية، فيها ألفاظ كثير من الناس يتمنى سماعها ويتلذذ بذكرها، وفيها من الأخبار الموضوعة الشيء الكثير، ولذلك ابن دقيق العيد يقول: الضعيف ولو بلغ رتبة الوضع إذا كان حسن اللفظ ألا يرد على قول ابن الصلاح وأنه غير مستنكر؟
Bogga 19