ابن جماعة له تعريف في (المنهل الروي) كأنه يريد أن يجمع قسمي الحسن في حد واحد، يرى أنه جامع مانع يقول: "ما اتصل سنده وانتفت علله، في سنده مستور له به شاهد أو مشهور غير متقن" مستور له شاهد حسن لغيره، مشهور غير متقن يعني خف ضبطه فنزل عن درجة الحفظ والضبط والإتقان، ويدخل في هذا الحسن لذاته.
قال الشيخ أبو عمر: "لا يلزم من ورود الحديث من طرق متعددة كحديث ((الأذنان من الرأس)) " يعني أنه ليس كل حديث ضعيف يمكن أن يرتقي إلى درجة الحسن؛ لأن من الضعف ما يقبل الانجبار، ومنه ما لا يقبل الانجبار، فأحاديث الكذابين هؤلاء مهما بلغ عددهم لا ترتقي بل لا يزداد إلا سوء، إذا كان الخبر متداول على ألسنة الكذابين ولو كثر، المتهمين بالكذب، يعني من اشتد ضعفهم لا ترتقي أحاديثهم ولا تنجبر، حديث: ((الأذنان من الرأس)) لا يرتقي، ولو روي من طرق، حديث: ((من حفظ على أمتي أربعين حديثا)) لا ينجبر وإن كثرت طرقه، وعمل به بعض أهل العلم.
يقول: "لأن الضعف يتفاوت، فمنه ما لا يزول بالمتابعات" يعني لا يؤثر كونه تابعا أو متبوعا، كرواية الكذابين أو المتروكين، "ومنه ضعف يزول بالمتابعة، لا سيما إذا كان راويه سيء الحفظ" ضعف الراوي ناشئا عن خفة ضبطه، إذا كان الضعف ناتج عن سوء الحفظ، "أو روي الحديث مرسلا فإن المتابعة تنفع حينئذ وترفع الحديث عن حضيض الضعف إلى أوج الحسن أو الصحة" وهذه مسألة مهمة، الضعيف القابل للانجبار إذا جاء من طريق آخر مثله يرتقي إلى الحسن لغيره، لو جاء من طريق ثالث ورابع وخامس وسادس كلها ضعيفة بمقابل الانجبار يرتقي درجة واحدة إلى الحسن لغيره؟ أو إلى الصحة؟ وإذا روي الحديث الضعيف بسند قابل للانجبار وله شواهد تقويه صحيحة أو له متابعات صحيحة يرتقي وإلا ما يرتقي؟ يرتقي، لكن إلى الحسن؟ يرتقي درجة واحدة أو أكثر؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، منهم من يقول: أنه ضعيف لا يرتقي إلا إلى الحسن لغيره، مهما كانت متابعته وشواهده، ولو كانت في الصحيح.
Bogga 8