وقد أشار المصنف قدس سره في آخر المبحث السابع إلى ما ذكرناه حيث قال: ولو جاز ترك إرشاد المقلدين ومنعهم من ارتكاب الخطأ الذي ارتكبه مشايخهم إن أنصفوا لم نطول الكلام بنقل مثل هذه الطامات إلى آخر الكلام.
وأما سؤال الناصب عن الله تعالى أن يجعل سعيه مشكورا، فها أنا أبشره متهكما مأجورا، أنه قد شكر الله تعالى سعيه، وجعل في مرعى الزقوم رعيه (1) وأمر زبانية الجحيم بإذاقته من الحميم وخطابه: بذق إنك أنت العزيز الحكيم (الكريم خ ل) (2) وأما تسميته بجرخه المهمل، بالاهمال فمهمل وأما بالابطال فمنشأه إهماله و إخلاله في تحقيق الحق وقصر غرضه في ترويج الباطل، ولنعم ما قال أفلاطون الإلهي (3): إن من كان غرضه الباطل لم ينل الحق وإن كان بين يديه، وسنكشف بعون الله تعالى هذا المعمى ونبين أن ذلك الاسم اسم بلا مسمى.
<div>____________________
<div class="explanation"> (1) لا يخفى ما في التعبير بالرعي من اللطف وإلحاق الفضل الناصب بالمواشي والدواب الراعية الراتعة.
(2) اقتباس من قوله تعالى في سورة الدخان الآية 49.
(3) هو الحكيم الفيلسوف المتأله أفلاطون بن أرسطن اليوناني، الذي إليه انتهت رياسة الفنون العقلية، وتلمذ لدى سقراط الحكيم، وعنه أخذ أرسطو وتشعبت تلاميذ أفلاطون على فرقتين، المشائيين والاشراقيين، قال الأشكوري في محبوب القلوب: إنه ولد في زمان أردشير بن دارا بعد ما مضت ستة عشر عاما من ملكه، فكان أبوه أشرف اليونانيين من ولد اسقيلبوس وأمه من نسل اسولون صاحب الشرايع إلى آخر ما أفاد، وبالجملة كان أفلاطون من نوابغ عصره في الحكمة وسائر العلوم العقلية، وله تصانيف كثيرة ترجمت أكثرها زمن المأمون العباسي، وأكثر تلك التراجم من آثار أحمد بن متوية، فمن تصانيف أفلاطون كتاب طيماوس الروحاني في علم النفس والعقل والربوبية وكتاب طيماوس الطبيعي في ترتيب عالم الطبيعة، وكتاب في المثل الأفلاطونية، وكتاب قاذن في النفس، وكتاب في الروح وغيرها، عاش 81 سنة وتوفي في السنة التي ولد فيها إسكندر الرومي، ويقال: إن قبره في بلدة مقدونية (ماكدونية) محفوظ إلى الآن سنة 1376 والله أعلم، ومجسمته كثيرة في بلاد يونان وأوربا، وتوصيفه بالإلهي ليمتاز عن سميه أفلاطون الطبيعي.</div>
Bogga 74