كما صرح به الذهبي (1) الشافعي ذهب الله بنوره (2) في بعض تصانيفه، وغيره في غيره، وهذا القدر لا يوجب التشيع المانع عن وضع الحديث في مناقب أبي بكر على أن سوق الحديث المذكور صريح في صدوره على وجه التقية، إذ الظاهر كون ما روى عنه عليه السلام جوابا عن سؤال من اتهمه بسب أبي بكر، ودفع تلك التهمة لم يمكن بأدنى من ذلك كما لا يخفى، مع أن كلامه عليه السلام قد وقع على أسلوب جوامع الكلم حيث قال: الصديق جدي يعني من جانب الأم، ثم أظهر إنكار سب الآباء يعني لا من ذلك الجانب، فإن إطلاق الأب على الجد من قبل الأم إطلاق مجازي (3) على ما يدل عليه كلام الناصب في ما سيأتي من مبحث الميراث، و أيضا إنما نفى عليه السلام السب، وقد سمعت منا أن السب بمعنى الشتم لا يجوز عند آحاد الإمامية أيضا بالنسبة إلى أحد، وإنما المجوز اللعن، ولما اتهمه السائل المخالف بالسب الذي استعملوه في الأعم من الشتم واللعن، غالطه عليه السلام بنفي السب مستعملا له في معناه الأصلي الذي هو الشتم فقط كما مر، فلا يلزم من كلامه عليه السلام نفيه للعن، على أنه لا مانع شرعا ولا عقلا من لعن المؤمن، بل المسلم بل الكافر آباءه إذا كانوا ظالمين، ألا لعنة الله على الظالمين (4).
<div>____________________
<div class="explanation"> (1) هو محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الدمشقي التركماني الشافعي المتعصب المتوفي سنة 848، وله كتاب ميزان الاعتدال وسير النبلاء والتهذيب وتاريخ الاسلام وغيرها و الرجل معروف بالانحراف عن أهل البيت عليهم السلام والتحامل على الشيعة فلا قيمة لما ينفرد في نقله.
(2) متخذ من قوله تعالى في سورة البقرة: الآية 17.
(3) لا يخفى أن الموجود في كلام الحاكم هكذا: ومن أولاد البنات جعفر بن محمد الصادق (ع) وكان يقول: أبو بكر جدي، أفيسب الرجل جده لا قدمني الله إن لم أقدمه. وأنت ترى أن هذه العبارة لم تشتمل على إطلاق لفظة أب ولكن مخائل التقية عليها لائحة كالنار على المنار.
(4) كما في قوله تعالى في سورة هود الآية 18.</div>
Bogga 68