شرحه على السلطان الفاضل المستبصر بالدليل، من رجوعه آخرا عن ذلك السبيل، وأما ما أشار إليه من أن شيوع مذهب الشيعة في ذلك الزمان إنما كان بمجرد اتباع ميل السلطان، من غير دلالة حجة وبرهان مردود، بما أشرنا إليه سابقا من فضيلة هذا السلطان، وأنه كان من أهل البصيرة والفحص عن حقائق المذاهب والأديان، وأن نقل للمذهب وتغيير الخطبة والسكة إنما وقع بعد ما ناظر المصنف العلامة الهمام، علماء سائر المذاهب وأوقعهم في مضيق الالزام والافحام، وأثبت عليهم حقية مذهب أهل البيت الكرام، فمن اختار مذهب الإمامية في تلك الأيام كان المجتهد دليله (1) وظهور الحق بين أظهر الناس سبيله، فكانوا آخذين عن المجتهد وسلوكه، لا عمن روج المذهب من ملوكه، فلا يتوجه هيهنا ما كان يتوجه في بعض الملوك وسلوكهم، أن عامة الناس يأخذون المذاهب من السلاطين وسلوكهم، والناس على دين ملوكهم، والحاصل أن السلطان المغفور المذكور لم يكن مدعيا لخلافة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا كان له حاجة في حفظ سلطنته إلى ما ارتكبه ملوك تيم وعدي وبني أمية وبني العباس، من هضم أقدار أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وتغيير ديته أصولا (2) وفروعا (3) ترويجا لدعوى خلافتهم، وليسلك الناس مسلكهم من <div>____________________
<div class="explanation"> (1) أي كان المجتهد الذي رجع إليه هو دليله.
(2) كالقول بقدم القرآن والكلام النفسي، والجبر في الأفعال، وقدم صفات الفعل. و التجسم وجواز الرؤية، وعدم اشتراط العصمة في الأنبياء، وتجويز القبيح العقلي في حقه تعالى ونحوها.
(3) كابتداع صلاتي الضحى والتراويح: والقول بالعول والتعصيب، وتحريم طواف النساء ومتعتهن: والمسح على الخفين، وترك الحيعلة العملية في الأذان، وطهارة جلد الكلب بالدباغ، وإلحاق الولد بالزوج مع عدم الدخول، ونحوها مما تضحك منها ربات الخدور وتستهزئ بها أوائل العقول، بل البهائم العجم.</div>
Bogga 60