بمرور الزمان وتعاقب تحريفات أهل العدوان تصير السنة بدعة (1) والبدعة سنة، كما تصير بذلك الحجة شبهة والشبهة حجة، والمتسمون بأهل السنة والجماعة لما استمروا على متابعة ما ابتدعه خلفائهم الثلاثة في دين الله تعالى زعموا أن ما أظهره الشيعة عليهم بعد مرور زمان التقية من أصل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله و أهل بيته الزكية، إنما هو بدعة ناشئة من الجهل والعصبية، فإن من جملة ما زعموه من بدع الشيعة تقريرهم حي على خير العمل في الأذان وإنكارها صلاة التراويح (2) في شهر رمضان، وانعكاس القضية بإنكار الأول وتقرير الثاني (3) من بدع عمر كما سيجئ بيانه إن شاء الله تعالى.
ومن البدائع أن الشيعة يتبعون ما هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم اتفاقا، كالتختم باليمين وتسطيح قبور المؤمنين، والمتسمين بأهل السنة والجماعة، يعدلون عنهما إلى التياسر والتسنيم (4) ومع ذلك يسمون أنفسهم بأهل السنة، والشيعة بأهل البدعة، وهذا من أعدل الشهود على أنهم أشد تحريفا من ملاعين اليهود.
وأما قوله: ولم يسمعني فيه الزمان صيت هؤلاء اللئام، فلا يخفى ما فيه، إذ من البين أن اللئيم هو من يرضى في دينه بمتابعة تيمي (5) لكع (6) رذل <div>____________________
<div class="explanation"> (1) قد استعمل الشارح في المقام قاعدة رد العجز إلى الصدر وهي من المحسنات البديعية.
(2) يأتي في باب مطاعن الثاني.
(3) يأتي في باب مطاعن الثاني أيضا من بدعه.
(4) التسنيم: ضد التسطيح وجعل القبر كسنام البعير، كما تفعله العامة في قبورهم و عليه ديدنهم.
(5) لأن أبا بكر ينتهي نسبه إلى تيم هكذا: أبو بكر عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة.
(6) لكع. كصرد: العبد، والشاهد على كونه لكعا ما ذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج (ج 1 ص 52) أن أبا بكر كان يقال له الطليق، وأما كونه ابن لكع فلما ذكره هو أيضا هناك من أن أبا قحافة كان من أسلم يوم الفتح، أتى به أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلم، فيكون من طلقائه صلى الله عليه وآله يوم الفتح، فتحقق مصداق ما رواه في مجمع الزوائد (ج 7 ص 320) وغيره عن ابن نيار، قال سمعت رسول الله (صلعم) يقول: لا تذهب الدنيا حتى تكون عند لكع بن لكع، وأيضا ما رواه عن بعض أصحاب النبي (صلعم) قال النبي (صلعم): يوشك أن يغلب على الدنيا لكع بن لكع.</div>
Bogga 51