سنة معاوية وجماعته الغاوية الذين سنوا سب علي عليه السلام، واجتمعوا عليه فلما قطع دابر دولة الشجرة الملعونة الأموية وآل الملك إلى العباسية المبغضين للأموية أولوا ذلك خوفا منهم ومن شناعته بسنة النبي وجماعته. ثم الفقرة المذكورة بقوله: وهدى إلى انتقاد نهج الحق وكشف الصدق أتباعه إنما يناسب في شأن طائفة الشيعة التي صنف عالمهم العلامة لهدايتهم الكتاب الموسوم بكشف الحق ونهج الصدق، وهذا مما لا يخفى على من له صدق تأمل في فنون المقال ووجوه براعة الاستهلال. ثم نعم ما فعل من تخصيص كرام الصحب بالذكر فإن توصيف مطلق الصحب بالجود والشجاعة يشكل [خ ل مشكل] بحال من تخلف، لغاية بخله عن تقديم شئ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند النجوى (1) وبحال من فر في خيبر (2) وغيرها من المواقف التي عم بها البلوى، كما نطق بها ما سيجئ من النصوص والأحاديث المأثورة، وصرح بمضمونها ابن أبي الحديد المعتزلي (3) في بعض قصائده المشهورة حيث قال:
شعر وأعجب إنسانا (4) من القوم كثرة * فلم تغن شيئا ثم هرول مدبرا <div>____________________
<div class="explanation"> (1) إشارة إلى قوله تعالى في سورة المجادلة الآية 12: يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة.
(2) المراد بالفار في خيبر هو الأول.
(3) هو العلامة الشيخ عز الدين عبد الحميد بن محمد بن محمد بن الحسين ابن أبي الحديد المدائني شارح نهج البلاغة ولد سنة 586 توفي ببغداد سنة 655 وله قصائد شهيرة في مدح مولانا أمير المؤمنين عليه السلام تعرف بالعلويات منها قوله في قصيدة:
ورأيت دين الاعتزال وإنني * أهوى لأجلك كل من يتشيع.
(4) الإنسان يريد به الأول فإنه قال في ذلك اليوم: لن نغلب اليوم من قلة فأصابهم بعينه حتى انكسروا. وقال: في ذلك بعض الفصحاء: أبو بكر عانهم وعلي أعانهم، ويريد بالنص قول الله تعالى: ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين. والمراء ممدودا: المجادلة وقصره ضرورة، وليس بنكر إلى قوله وخيبرا يقول: في ذم الأول وفراره من الجهاد وغرضه الرد على من يقول: إنه أفضل من علي عليه السلام لعن الله من يقول به. ويوم حنين فر جميع الناس ولم يثبت مع النبي إلا تسعة من بني هاشم وأيمن بن عبيد بن أم أيمن مولاة رسول الله فقتل رحمه الله وبقي التسعة حول رسول الله وهم أمير المؤمنين والعباس والفضل بن عباس وأبو سفيان ونوفل وربيعة وابن الزبير وعتبة ومعتب، وأما يوم أحد وهو جبل كانت الوقعة عنده ففر الناس بأسرهم إلا أمير المؤمنين وأبا دجانة، ولم يزل أمير المؤمنين يذب عن الرسول ويحمي عنه كالليث الباسل حتى انكسر سيفه وأعطاه رسول الله سيفه ذا الفقار فقاتل حتى عجبت الملائكة من صبره وشجاعته، وإن قيل: كيف خص أبا بكر بالفرار يوم حنين ويوم أحد وعيره بذلك وقد فر الناس جميعهم إلا من استثنى يقال: إنما خصه بذلك ردا على من يقول: إنه أفضل من أمير المؤمنين فذكر المناقب المشهورة لعلي والمثالب الظاهرة لأبي بكر وأما يوم خيبر فهزيمة أبي بكر ورجوعه بالراية مشهورة لا يخفى (إنتهى ما أخذ من شرح العلويات لصاحب المدارك وغيره من الكتب)</div>
Bogga 43