حينا، ويعمد آخر إلي السجع الهين. وأفاد الدكتور أحمد جمال العمري عن أسلوب المرزوقي فقال: «وأسلوب المرزوقي مشرق مملوء حياة، هذا ما لمسناه يشرح فكرته ويدلل عليها، كان يختار التعبير الرائق الذي يثير في النفس ذكريات أو يوحي بخيالات تدعم المعني وتثير الشعور».
والحق أن الذي يقرأ شرحه يحس بأن الرجل كان في أسلوبه كما صورة هؤلاء العلماء، فقد كان يعني بأسلوبه عناية فائقة، ويكفي أن تقرأ مقدمته التي شرحها الشيخ محمد الطاهر بن عاشور لتدرك أنه كان ذا درجة عالية في السبك وصوغ الجمل والعبارات، أما المصنف فأسلوبه نابع من طريقته وهي طريقه-كما رأينا- بنيت علي السهولة واليسر والإيجاز، ومن ثم فهو لا يتكلف صوغ العبارة ولا يجتهد في تزيين كلامه وتوشيته بلون من ألوان البلاغة، وإنما يطلق العبارة سهلة لتوضح المعني الذي يريد إيصاله لمتلقي شرحه، فهو مثلا يقول في بيتي عمرو بن سبره الحرشي الواردين في الحماسية (١٦٢):
إذا سالت الجوزاء والنجم طالع فكل مخاضات الفرات معابر
وإني إذا ضن الأمير بإذنه علي الأذن من نفسي إذا شئت قادر
«إذا أشتد الحر، وقلت المياه عبرت الفرات ولك يمنعني خوف الغرق، وإذا بخل الأمير علي بإذنه قدرت علي الأذن من نفسي بالانصراف عن بابه وهربت من سلطانة». وفي حين نجد المرزوقي يقول في البيتين: «إذا تناهي الحر وارتفعت الجوزاء في أول الليل إلي كبد السماء، وطلع الثريا عند السحر، فكل مخاضه من جوانب الفرات معبر لي، أهرب فيه، لأن نضوب الماء ونقصانه يكون في ذلك الوقت، وإذا تمنع عن الأذن، وصدني الوقت عن مرادي، ولم أقدر علي جواز المسالح والمراصد لكونها مشحونة بالمرتبين فيها انتظرت غيض الماء وجزره في
2 / 18