Sharaxa Fuṣūl Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Noocyada
الشرح: بعد أن فرغ من الدلالة على وجوب الاستفراغ، وذكر بعض أنواعه وما يوجب اختيار نوع على آخر، وجب أن يذكر الاستفراغات الرديئة، وأن يبدأ من ذلك بالنوع الذي هو أظهر الاستفراغات وأكثر وقوع الاستفراغات الرديئة به، وذلك هو البراز، فإن أكثر وقوع الاستفراغ في العادة بالطبع وبالصناعة هو بالإسهال، وأكثر الاستفراغات الرديئة هو ما نفع بالإسهال. واعلم أن البراز الأسود يكون لأحد أسباب أربعة: أحدها: الاحتراق، بأن تحترق الأخلاط فتتأذى بها الأعضاء وتضطر الطبيعة إلى دفعها. وثانيها: لاستيلاء الطبيعة على نضج مرض سوداوي وإخراجها لينقى البدن منه، والفرق بين هذا A وبين الأول، أن الأول يتقدمه في أكثر الأمر براز صفراوي وتكون علامات الاشتعال في البدن ضاهرة وتكون رائحته قوية جدا ولا يجد البدن عقيبه خفا، وأما الثاني فيكون بعد ظهور علامات مرض سوداوي وبعد علامات النضج التام ويجد البدن عقيبه خفا ظاهرا. وثالثها: أن يكون ذلك لتناول صابغ (186) للبراز، ونفرق بينه وبين الولين بعدم علامات الأولين، وبتقدم تناول الصابغ (187). ورابعها: أن يكون ذلك لتناول دواء مسهل للسوداء، ويعرف ذلك بتقدمه. ونقول: إن أبقراط أراد بالبراز الأسود، الكائن بالاحتراق؛ لأنه وصفه أنه الشبيهبالدم الآتي من تلقاء نفسه، وهذا لا يكون إلا المحترق، لأن ما كان من صابغ أو دواء مستفرغ للسوداء لا يقال أنه آت من تلقاء نفسه، بل يقال أن ذلك هو الذي فعله. وكذلك الذي عن دفع الطبيعة لمادة المرض السوداوي، فإن ذلك ليس B من تلقاء نفسه، بل لدفع الطبيعة له. وأما الكائن بالاحتراق فهو آت من تلقاء نفسه، لأنه إما أن يخرج بنفسه فقط لثقله لأن الأعضاء لا تمسكه لإضراره بها، فيخرج بنفسه، أو بإحفازه (188) الطبيعة -بإضراره لها- على إخراجه، فيكون هو بالحقيقة المخرج لنفسه. وأيضا ينبغي أن يفهم من قوله: الشبيه بالدم: أى الشبيه بالدم الجامد، لأن الدم إذا جمد صار أسود، فيكون هذا شبيها به في سواده. وأما إذا لم يجمد ولم يحترق، فإنه يكون أحمر اللون، ولا مشابهة بين الأسود والأحمر. وإذا ثبت ذلك علم أنه أراد الكائن بالاحتراق، ولأن ما سوى ذلك لا يشبه الدم الجامد. أما الكائن عن الصابغ، فظاهر، لأنه يكون برازا صحيا، إلا أنه أسود اللون، وجرمه جرم (189) البراز المعتاد. وأما الذي السوداء الخارجة بالطبع أو بالصنعة، فلا يشبه الدم أيضا، لأن السوداء تكون حامضة عفصة، ويظهر ذلك برائحتها، وربما كان A لها غليان على الأرض وبريق بخلاف الدم الجامد؛ فثبت أنه أراد الكائن بالاحتراق. ثم هذا قد يكون مع حمى وقد يكون بغير حمى، وهو من أردأ العلامات لدلالته على احتراق الأخلاط. لكن هاهنا سؤالان: أحدهما: لما عرفه بذلك؟ وهلا قال: "البراز الكائن بالاحتراق"؛ وأغنى عما ذكرتموه من المباحث. وثانيهما: إنه قال أولا: إن استفرغ البدن من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه نفع ذلك واحتمل بسهولة، وإن كان الأمر على ضد ذلك كان عسرا. والبراز الأسود الكائن بالاحتراق لاشك أنه من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن، فكان ينبغي أن يكون نافعا، سهل الاحتمال؛ لكنه جعله هاهنا من أردأ العلامات، فكيف الجمع بين القولين؟ الجواب: أما الأول: فلأن كون ذلك كائنا عن الاحتراق أو غيره غير معلوم لكل أحد، بل للفضلاء من الأطباء بالبحث الدقيق. وأما أنه شبيه B بالدم الجامد أو خارج من تلقاء نفسه فمعلوم بالمشاهدة، والتفريق بالظاهر أولى منه بالخفي. وأما الثاني: فلا شك أن خروج هذا الكائن بالاحتراق أنفع للبدن من بقائه فيه. وأما كونه من أردأ العلامات فليس لكونه استفراغ ما ينبغي أن ينقى البدن منه، بل لدلالته على سببه الذي (190) هو الاحتراق. وليس إذا قلنا في شئ أنه علامة صالحة من جهة يلزم أن لايكون من جهة أخرى علامة موت، فضلا عن كونه علامة رديئة. قوله: وكلما كانت الألوان في البراز أردأ، كانت تلك علامة أردأ. الألوان الخارجة عن الطبيعة تدل على سبب خارج عن الطبيعة أوجبها، فإن كان خروجها عن الطبيعة كثيرا وهو الذي أراد (191) بالأردأ، كانت تلك علامة أردأ لدلالتها على السبب الخارج عن الطبيعة خروجا كثيرا. واعلم أن اللون الطبيعي للبراز هو أن يكون ناريا خفيف النارية، فإن اشتدت، دل A على حرارة وكثرة مرار، وإن نقصت دل على نهوه وعدم النضج، وقد يكون أبيض وأخضر وغير ذلك، وكلها رديئة. قوله: فإن كان ذلك أيضا مع شرب دواء، كانت تلك علامة أحمد. أي إن كانت الألوان الرديئة مع شرب دواء، كانت تلك علامة أحمد؛ لأنه يدل على أن الدواء قد نقى البدن من الأخلاط الرديئة المختلفة، وكلما كانت تلك الألوان أكثر كان ذلك أبعد من الرداءة، لأنه يكون استفراغه للمواد المختلفة. وقال هاهنا: و"كلما كانت تلك الألوان أكثر"، ولم يقل: "أردأ"، كما قال في الأول، لأنه إذا كانت الألوان منكرة كانت تلك علامة هلاك، سواء كان ذلك باستفراغ من تلقاء نفسه أو طبيعي لدلالته على مواد منافية للحياة.
[aphorism]
قال أبقراط: أي مرض خرجت في ابتدائه المرة السوداء من أسفل أو من فوق، فتلك علامة دالة على الموت.
[commentary]
Bogga 187