Sharaxa Fusuul Abuqraat
شرح فصول أبقراط
Noocyada
[commentary]
الشرح هاهنا مباحث خمسة.
البحث الأول
في الصلة: * ينبغي (252) أن يعلم أولا أن مراده هاهنا * بالحار (253) الحار بالفعل، وهذا الحار يشارك التقيح في كثير من أفعاله. فإن التقيح يخدر الذهن بما يرتفع منه من أبخرته الرطبة عن المواد القيحية إلى الدماغ ويترتب على ذلك تفتح العصب أي استرخاؤه، ويجلب سيلان الدم بما يحدثه من التقريح والتفتيح في عروق الرئة والغشي بما يحدثه من ضغط الرئة ومنعه للتنفس على الواجب ومزاحمته للقلب ومنعه من الحركة الانبساطية والانقباضية المحتاج إليها في بقاء الحياة والموت بالخنق على ما عرفت. فلما شاركه الحار بالفعل في هذه الأمور أعقب ذكره بذكره.
البحث الثاني:
الحار والبارد يقال على ما هو بالفعل وعلى ما هو بالقوة لأن الكيفية التي يوصف بها الشيء لا يخلو إما أن تكون مدركة بحاسة اللمس أو لا تكون. فإن كان الأول فهي المسماة بالفعل، وإن كان الثاني فهي المسماة بالقوة. وكل واحد منهما ينقسم إلى أربعة أقسام: بالإطلاق وبالأغلب وبالإضافة وبالعرض. أما الإطلاقي الفعلي فكحرارة * النار (254) وبرد الماء فإن كل واحد منهما ليس في الوجود أقوى منه في بابه، والأغلبي الفعلي كالسبيكة * المحمية (255) فإن الحرارة الفعلية التي فيها أغلب من البرودة، والإضافي الفعلي كحرارة هواء الحمام فإنه حار بالإضافة إلى الهواء الخارجي وبارد بالإضافة إلى هواء الأتون، والعرضي الفعلي كحرارة الماء المسخن. وأما التي بالقوة فالتي بالإطلاق كحرارة النفط، والتي بالأغلب كحرارة الفلفل مثلا فإن الحرارة التي فيه غلبت البرودة، والتي بالإضافة كالبصل PageVW5P205B فإنه بالإضافة إلى الحنطة أحر منها وبالإضافة إلى الثوم هو بارد، والتي بالعرض كالأدوية الحارة إذا جاوزت الباردة فإن كل واحد منها يستفيد من الآخر كيفية لم يكن له.
البحث الثالث:
قد عرفت أن الحار والبارد كل واحد منهما ينقسم إلى ما ذكرنا فنقول: * مراده (256) بالحار هاهنا الحار بالفعل * كالاستحمام (257) بالماء الحار والجلوس في هواء الحمام والضمادات * والكمادات (258) المسخنة. والدليل على ذلك من وجهين: أحدهما أن الحار بالقوة تأثيره ينافي هذا التأثير لأنه لا يؤثر هذا التأثير البتة وهو أنه لا يؤنث اللحم أي يرخيه بل يجففه ولا يخدر الذهن بل يجفف رطوباته ويحرقها، وبالجملة تأثيره مناف لهذا التأثير؛ وثانيهما أنه لما ذكر البارد المقابل لهذا مثل عليه بالجمد والثلج، والجمد والثلج * لا (259) شك أن بردهما فعلي. واقتصر أبقراط على ذكر الحار والبارد دون الرطب واليابس لأنهما كيفيتان انفعالية لا فعلية.
البحث الرابع
في بيان حدوث المضار المذكورة عن الحار المذكور: قوله «يؤنث اللحم» أي يجعلها شبيها بلحم الإناث سخيفا وأقرب إلى الترهل، وذلك لأن الحار يخلخل جوهر الشيء، فإن شأن الحرارة التفريق. وأيضا فإن الحار المذكور يسيل الرطوبات والرطوبات مرخية، وأبقراط استعمل هاهنا لفظة التأنيث على سبيل الاستعارة. وأما تفتيحه العصب أي إرخاؤه له فمن وجوه أربعة: أحدها أنه بإرخائه تضعف القوة الماسكة لفوهائه، * وذلك (260) إلى ضعف القوة الحسية والحركية؛ وثانيها أنه بتحليله تتحلل الأرواح الحاملة للقوى المذكورة فتوجب الفتور والإرخاء في الحركة؛ وثالثها أنه إن كان فيه مواد جامدة سيلها وميعها بإسخانه لها، وعند ذلك تسد مسالك الأعصاب وتمنع القوة المحركة من النفوذ على ما ينبغي؛ ورابعها أنه بتبخيره تبخر إلى جهة الأعصاب أبخرة متوفرة تداخل جوهر العصب وتنفذ فيه وتمنع القوة المحركة من النفوذ وترخي الأعصاب. وأما تخديره للذهن، قال جالينوس: مراده بالتخدير ضعف الذهن. وقد يراد به في عرفنا اليوم كدورته PageVW5P206A وكلاله. والكل حق. أما الأول فإن الحار المذكور يفعله من جهة تحليله لأرواحه ويتبع ذلك ضعف قوته ضرورة، * فإن (261) نقصان الحامل يوجب نقصان المحمول. وأما الثاني فلوجهين: أحدهما من جهة تبخيره إلى الدماغ، فإن الأبخرة متى تصاعدت إلى الدماغ غلظت جوهر الروح وكدرته فتخدر الذهن؛ وثانيهما أنه ربما كان فيه مواد غليظة ساكنة فإذا ورد عليها * رققها (262) وسيلها وخالطت الأرواح وغلظت قوامها وكدرت الذهن. وأما تسييله للدم إن أراد به ترقيقه فهو حق، فإن الحرارة شأنها ذلك والبرد شأنه التجميد والتغليظ. وإن أراد به التسييل إلى خارج فهو * أيضا (263) حق، فإن الحار يفتح مسام البدن ويرقق الدم، وعند ذلك * يتهيأ (264) للخروج والتحليل. قوله «والغشي» الغشي تارة يوجبه الحار بواسطة سيلان الدم وتارة بلا واسطة. أما السيلان فسواء أريد به الترقيق أو التحليل والخروج فإنه يوجب الغشي. أما بمعنى الترقيق فإنه متى حصل له ذلك * كبر (265) حجمه، وعند ذلك يحتاج إلى مكان أوسع فهو عند ذلك إما أن ينصب إلى تجويف القلب فيغمر القوى والحرارة الغريزية ويوجب الغشي وإما أن يزاحم القلب والشرايين ويمنعها من الحركة الانبساطية والانقباضية المحتاج إليها في بقاء الحياة على ما ينبغي، وذلك مما يتبعه الغشي. وأما بمعنى التحليل والخروج من المسام فذلك ظاهر لأنه يتبعه قلة الأرواح وضعف القوى الحيوانية. وأما أن يحلل الأرواح ويضعف القوى ويفتح المسام ويرقق المواد وكل هذه مما تعين على سرعة التحليل.
Bog aan la aqoon