277

قال أبقراط: من يأتيه البحران في اليوم السابع فإنه قد يظهر في بوله في اليوم الرابع غمامة حمراء وسائر العلامات تكون على هذا القياس.

[commentary]

الشرح هاهنا مباحث ثمانية.

البحث الأول

في الصلة وهو أنه قد عرف PageVW1P120A أن الأجزاء المغلظة للمائية متى لم تكن متحدة بها بل أمكن التمييز بينهما كانت مرتفعة ومنخفضة (777) ومتعلقة وبالجملة ليس لها موضع معين كان ذلك منثورا PageVW5P084A وإن كانت راسبة كان ذلك رسوبا ففي الفصل الأول ذكر فيه (778) المنثور وفي هذا الفصل أخذ يتكلم في الرسوب أو يقال أن عرضه في هذا الفصل أن يتكلم في الاستدلال المأخوذ من الرسوب.

البحث الثاني

في حقيقة الرسوب نقول الغذاء (779) الوارد على الأعضاء إن كان محمودا وبمقدار الحاجة في التغذية والزيادة في النمو إن كان حاصلا وبالجملة إذا دوعي في استعماله الشروط المذكورة في حفظ الصحة بحسب الغذاء هضمته الهاضمة هضما جيدا واغتذت به الأعضاء على أتم وجه وأكمله وفي مثل هذا الوقت لم يتولد منه فضلة وإن تولدت فإن قارن ذلك حركة تحللت تلك الفضلة ونقي البدن وإن حصل تخفيف في الغذاء إما في كميته أو كيفيته عطفت الطبيعة على تلك الفضلة * وإن اغتذت (780) بما هو صالح منها وقويت به على دفع ما لا يصلح للتغذية وإن (781) لم يقارن تلك (782) شيء (783) مما ذكرنا اجتمعت على ممر الأيام وولدت عللا مناسبا لها ثم إن الطبيعة إذا التفتت إليها إما بتخفيف من الغذاء أو بمعونه من الطبيب باستعمال المنضجات وما يسكن سوء المزاج الحاصل انضجت تلك الفضلة وهيئتها للاندفاع والخروج فمثل هذه الفضلة إذا اندفعت مع المائية المعبر عنها بالبول وظهرت في القارورة وسميت رسوبا. ومما ذكرنا تفهم فوائد أربع أحدها في العلة أنه لم لا يظهر الرسوب في أبوال الأصحاء في أكثر الأوقات وهو دوام حركتهم واحتمال قواهم لما يرد على أبدانهم من الأغذية. ثانيها فساد ما قاله الأوائل في الرسوب هو شيء يفوت القوة الهاضمة فلا تهضمه. وذلك لأنا PageVW5P084B نقول هل معنى الفوتان الغفلة كما يقال فلان فات فلان أي غفل عنه أو المراد به الضعف والعجز عن هضمه ونضجه. فإن كان الأول فهو محال لأن الجوهر المذكور لم يمكن خروجه إلا بعد التفات الطبيعة إليه واعتنائها به في هضمه ثم دفعه ولو لم يكن كذلك وإلا كيف كان يمكن حصوله بعد أن لم تكن. وإن كان الثاني فهو أيضا محال لأنها لو لم تكن قوية لم تقدر على هضمه ثم على دفعه. ولذلك صار هذا الجوهر إذا تأخر خروجه في الأمراض أو لم تكن على ما ينبغي دل على ضعف الطبيعة وعجزها عن الإقلال بأحوال البدن. وأيضا يلزم أن تكون الأثفال الرملية والنخالية والكرسنية وغير ذلك من الأثفال الرديئة ليست بثفل. ثالثها أن اصطلاح الأطباء في الرسوب غير اصطلاح أرباب اللغة فإنه معنى الرسوب عندهم المستقر في قعر القارورة السببي (784) وعند الأطباء كل جوهر متميز عن المائية. وعلى هذا يصح أن يقال لكل الجواهر (785) الغريبة التي سنذكرها أثفال. ورابعها صحة ما قاله الشيخ في القانون وهو قوله الرسوب هو كل جوهر أغلظ قواما من المائية ومتميز عنها. فقوله أغلظ من المائية * تمييز له عن الزبد وقوله ومتميز المراد به في الحس وذلك لتمييز الثفل عن جوهر الخلط المخالط للمائية (786) فإن هذا قوامه أغلظ من المائية لكنه ليس متميز عن المائية بحسب الحس.

البحث الثالث

في تقسيم الرسوب. أما معنى البحران واختصاص الطبيعة للدفع في اليوم السابع وغيره من أيام البحران المعلومة وكون الرابع منذر بالسابع وما معنى الإنذار PageVW5P085A فقد عرفت هذا جميعه. إذا عرفت هذا فنقول الجوهر المسمى بالثفل ينقسم إلى قسمين طبيعي وغير طبيعي. والطبيعي منه محمود ومنه غير محمود والمحمود ما اجتمعت فيه صفات ثمان (787) أحدها بياض اللون وثانيها تشابه الأجزاء وثالثها الرسوب في قعر القارورة ورابعها شفافة اللون وخامسها استدارة الشكل وسادسها رويته بعد أن لم تكن وسابعها سرعة تشتته عند تحريكه وبطؤ نزوله عند سكونه ثامنها أن يكون مقداره مناسبا للسن والمزاج والسخنة والتدبير المتقدم. والغير محمود (788) ما لا يجتمع فيه (789) هذه الصفات المذكورة. أما بياض اللون فدلالته على استيلاء الطبيعة البدنية على نضج المادة المرضية وتشبهها بجواهر الأعضاء في لونها ولون الأعضاء على ما علم في التشريح مائل إلى البياض. أما الأعضاء المنوية فذلك ظاهر فيها. وأما الدموية كاللحم فإنه إذا استقصى في غسله مال لونه إلى البياض. وأما تشابه الأجزاء فدلالته على تشابه النضج بحيث أن القوة الهاضمة لم يفتها جزء من أجزاء الثفل الأول إلا وقد عملت (790) فيه نضجا. وأما الرسوب في أسفل القارورة فدلالته على مشابهة الثفل لجواهر الأعضاء في القوام وهو ثقيل فيطلب الرسوب الهبوط (791) إلى أسفل وعلى عدم الجوهر الريحي الموجب لصعوده إلى فوق وذلك لقوة عمل الحرارة الغريزية فيه. وأما إشفاف اللون فدلالة على كمال نضج بحيث أنه يدل على أنه قد انحصر في جوهره مقدار متوفر من الجوهر الروحي. وأما استدارة الشكل فدلالته على تشابه أجزائه وشكل PageVW5P085B المتشابه الأجزاء الاستدارة ولأنه قد قيل يجب أن يكون شكل الإناء الحاوي له مستديرا فيتشكل بشكل الجسم الحاوي له وذلك دليل على لطافة جوهره. وأما رويته بعد أن لم يكن فلأنه يدل على نهوض الطبيعة لنضج المادة المرضية. وأما سرعة تشتته عند حركته فدلالته على لطافة قوامه وكثرة الأرواح فيه. وأما بطؤ نزوله عند سكونه فذلك أيضا. وأما مناسبته للسن ولغير ذلك فإن الصبيان والمرطوبين والسمان ومكتنزي السخنة والمكثرين (792) من الغذاء يكثر في أبوالهم الرسوب ومن كان بالعكس فبالعكس. ولذلك قيل إن أمراض الشبان والنحفاء والمكدودين كثيرا ما ينقضي PageVW1P120B بلا رسوب وهذا الثفل المحمود يلزمه من الألوان اللون الأترجي لأن ما عداه من الألوان يدل إما على غلبة الحرارة وإما على غلبة البرودة ومن القوام المعتدل وهو أن يكون قوام البول (793) معتدلا ومن المقدار المعتدل الاعتدال ومن الرائحة أن لا يكون عديم الرائحة ولا شديد النتن (794).

البحث الرابع

Bog aan la aqoon