Sharaxa Fusuul Abuqraat
شرح فصول أبقراط
Noocyada
البحث الخامس
اختلف الأطباء اليونان على المتحرك بالذات وبالتبع في التنفس. وقد حرر الفاضل جالينوس هذا القدر في كتابه المعنون بحركة الصدر والرئة. ونحن قد زدناه في ذلك. فنقول ذهب اسقليبياوس (679) إلى أن الصدر وحده هو المتحرك والرئة ساكنة. قال وذلك لأن الفائدة من التنفس جذب الهواء البارد المصلح لمزاج القلب والروح ودفع ما احترق من ذلك إلى خارج البدن. والحس يشهد بأن المتحرك هذه الحركة الصدر والرئة اسفنجية لا يمنع الهواء من الدخول فيها والخروج منها. وإذا كان كذلك فالحاجة حينئذ تتم بحركة الصدر مع سكون الرئة. فإن الطبيعة إذا أمكنها أن تستعمل في تحصيل غرضها آلة واحدة لم تعدل عن ذلك إذ في تكثير الآلات مؤنة عليها في جلب النافع ودفع الضار. وقد أبطل جالينوس ذلك بوجهين أحدهما أن الحس يشهد بحركتها فإنا نرى الصدر عند ما يقع في أحد جوانبه أو جانبيه (680) جرح وخرج من المخرج شيء من جرم الرئة فإنا نشهد حركتها انبساطا وانقباضا. وثانيهما أنا (681) إذا وضعنا أيدينا على الصدر عند سكونه فإنا نحس في داخل الصدر بحركة خفية شبيهة بحركة الاختلاج. وذهب اثيناوس (682) إلى أن المتحرك (683) فيه الرئة فقط والصدر ساكن. قال وذلك لأن الأجسام على نوعين صلبة ولينة. فالصلبة يستحيل PageVW5P070A إن تتحرك أحد طرفيها مع سكون الطرف الآخر. وأما اللينة فيجوز ذلك فيها. وقد عرفت كيفية اتصال الأضلاع يعظام القص أي أن ذلك الاتصال لحامي وما كان كذلك فكيف يتصور أن يتحرك أحد طرفيه دون الآخر؟ قال جالينوس هذا باطل من وجوه أربعة أحدها أن الأضلاع وإن كانت عظاما غير أن لها مفاصل من جهة عظام الصدر (684) ومن جهة الفقرات وإن كانت خفية. وإذا (685) كان حالها كذلك جاز أن يتحرك أحد طرفيها دون الطرف الآخر. وذلك بحسب سلاسة المفصل ووثاقته. وثانيها أنا إذا قمطنا الصدر بقماط رفيع ثم أمرنا صاحبه أن يتنفس تنفسا قويا، فإنا نرى القماط ينقطع بل ولو كشطنا جلدة الصدر لرأينا حركة الأضلاع عيانا. وثالثها أن الصدر يحيط به أغشية وعضلات ويتصل به أعصاب وهذه كلها آلة للحركات والرئة لا يتصل بها شيء من ذلك. فلو كانت هي المتحرك والصدر ساكن لكان اتصال تلك الآلات (686) به عبثا ولكان يمكن وجود الحركة بدون آلتها وذلك محال. ورابعها أن لحم الرئة رخو متخلخل وإذا كان كذلك كيف يتصور أن يقال إن مثل هذا الأول محرك للثاني بال العكس أولى. وذهب ايرفلس (687) إلى أن الرئة والصدر متحركان لكن على سبيل المد والجزر بمعنى أن الصدر عندما * ينقبض تتبسط الرئة وعندما ينبسط تنقبط (688) الرئة. واستدل على هذا بالحس. قال فإنا نشاهد الرئة عند خروجها في (689) جراحة الصدر فإنها عند انقباضه يخرج منها شيء ويكون منتفخا (690) وعند انبساطه تبعد هي عنه بعدا كثيرا. وما سبب هذا أنها عندما PageVW5P070B ينقبض الصدر تنبسط هي. ولذلك يكثر البعد بينهما وبينه. قال جالينوس وهذا قول فاسد وذلك لأن الرئة جوهرها (691) لين لدن قابل للغمز وما كان كذلك فأي موضع وجدته من الصدر خاليا برزت منه عند الغمز عليه وضغطناه فعند وقوع الجراحة فيه تبرز الرئة عند ضغطه لها في حال انقباضه لا أنها تنبسط وتخرج فهذا هو سبب خروجها. والذي نقوله نحن في هذا أن * الذي دل (692) على بطلانه وجهان أحدهما أن الرئة عند حصول الجرحة في الصدر لا شك أنها تتألم، فتألمها يشغل القوة الخاصة بها عند جذب الهواء البارد ودفع البخار الدخاني على ما ينبغي. وعند ذلك تخيل أنها عند انبساطه منقبضة لتعذر انبساطها على تمامه. وثاثنيها أنه لو كانت حركة الصدر والرئة على سبيل المد والجزر لصادمت حركة الهواء الخارج للهواء الداخل فإما أن يتساويا في المقاومة أو لا يتساويا. فإن كان الأول احترق القلب والروح عند دفع الرئة للبخار الدخاني المحتاج إلى دفعه عن القلب. وإن كان الثاني لكان (693) من المستحيل أن الهواء الداخل يقهر الخارج لوجهين أحدهما أن مادة الخارج أوفر من مادة الداخل لأنه عند خروجه يستصحب البخار المتولد عند تكون الروح. وثانيهما أن الخارج حار والداخل بارد ومن المستحيل أن يقال إن أقوى الفاعلين يقهره أضعف (694) الفاعلين. وإذا كان كذلك القاهر هو الخارج فيمتنع أو يتعذر نفوذ الهواء البارد إلى القلب ويترتب على ذلك احتراق الروح PageVW1P117A والحرارة الغريزية. وفي ذلك فساد البدن ثم هلاكه وذلك محال. فثبت أن حركة PageVW5P071A الصدر والرئة ليس هو على سبيل المد والجزر. وذهب دوقولايس إلى أن الصدر والرئة متحركان من ذاتيهما وانبساط أحدهما مع انبساط الآخر وكذلك انقباضه. ولم نجد لهذا الرجل دليلا على صحة مذهبه ولا تكلم جالينوس معه نفيا وإثباتا. وذهب بركساغورس (695) إلى أن الصدر والرئة متحركان الحركة المذكورة لكن حركة الصدر من حركة الرئة ولم يذكر هذا الرجل على صحة مذهبه دليلا ولا لجالينوس معه كلام غير أن هذا قول سخيف فإن (696) من المستحيل أن يكون اللين اللدن السخيف الجوهر محركا لما هو ضده في الأمور المذكورة. وأيضا فإن التشريح دل على أن اتصال آلة الحركة بالصدر لا بالرئة. فلو كان خاليا من الحركة الذاتية لكان اتصالها به عبثا وذلك محال. وذهب ارسسطراطس (697) إلى أنهما متحركان الحركة المذكورة لكن حركة * الرئة تتبع حركة الصدر (698) وهذا هو اختيار الفاضل جالينوس والحق يؤيده فإنه أنسب من أن يكون مبدأ الحركة من الرئة لما ذكرنا. فهذا مباحث اليونان في حركتي الصدر والرئة في التنفس (699).
البحث السادس
في علة الحاجة إلى التنفس. قد عرف أن القلب والروح حار المزاج. أما القلب فلأنه معدن الحرارة الغريزية ومولد الأرواح ودائم الحركة. وأما الروح فلأنها دائمة التوليد وقالبة للقوى والقابل بينه وبين المقبول مناسبة وهي لا تكون إلا مع الحياة والحياة بالحرارة فالأرواح حارة. وإذا كان حال (700) القلب والروح كذلك فهما دائما محتاجان إلى هواء بارد ليكون إما * مددا للأرواح (701) الحيوانية وإما منفذا (702) لها على اختلاف المذهبين. وقد أوضحنا الحق في ذلك في شرحنا PageVW5P071B لكليات القانون غير أن ذلك الهواء إذا أورد إلى القلب عرض له أمران أحدهما استحالته عن البرد وذلك بتسخين ما يجاوره له وبما يخالطه من البخار الدخاني الحاصل في القلب عند تكوين الروح. وثانيهما استحالته عن صفاته بما يخالطه من البخار الدخاني المتولد عند تكوين الروح وحينئذ يزول عنه المعنى الذي به يصلح لأن يحصل منه ذلك فتحتاج الطبيعة إلى إخراجه والاستبدال به. فالحركة التي يتم بها جذب الهواء البارد هي الانبساط والتي يتم بها الثاني أي خروج البخار الدخاني هي الانقباض وبين الحركتين المذكورتين وقفتان وهما السكونان فما كان بين نهاية حركة الانبساط وابتداء حركة الانقباض فإنه يسمى السكون الخارجي والمحيطي وهذا السكون محسوس لأنه ظاهر وما كان بين نهاية الانقباض وابتداء الانبساط يسمى السكون الداخلي والمركزي لأنه حاصل في المركز ولذلك صار غير محسوس. قال الأطباء هذا السكونان لا بد بينهما لأجل راحة الطبيعة من إعياء الحركة. قال الفلاسفة لأنه قد ثبت في الحكمة أنه لا بد و أن يتحلل بين كل حركتين متضادتين مستقيمتين سكون. وقد حررنا هذا القدر في شرحنا لكليات القانون. وقد تصير أحدى الحركتين أسرع من الأخرى فإنه متى كانت الحاجة إلى جذب الهواء البارد أشد من الحاجة إلى إخراج البخار الدخاني كانت حركة الانبساط أسرع. وذلك كما في سن الصبا وحمى يوم. ومتى كانت الحاجة إلى إخراج البخار الدخاني أشد من الحاجة إلى جذب الهواء البارد كانت حركة النقباض أسرع. وذلك كما في سن الشباب وحمى العفن PageVW5P072A . ويلزم من زمان إحدى الحركتين المذكورتين طول زمان السكون الذي يليها فإن كانت الحاجة إلى جذب الهواء (703) البارد كالحاجة إلى إخراج البخار الدخاني كانت الحركتان المذكورتان متساويتين في السرعة. فهذه علة الحاجة إلى التنفس ومجموع هاتين الحركتين للصدر والرئة يسمى في عرف الطب تنفسا. وأما عند العامة فهو عبارة عن حركة الانقباض وهذه الجملة متى كانت على الحالة الطبيعية تمت بحركة الحجاب فمتى احتيج إلى زيادة قوة لما يحتاج إليه في الحالة المذكورة استعانت الطبيعة في بلوغ غرضها بحركات عضلات الصدر وربما استعانت بحركة عضل الترقوة وعضل المنخرين (704).
البحث السابع
التنفس يشابه النبض من جهة أن (705) في كل واحد منها حركتين وسكونين. وبيانه من وجهين أحدهما من جهة الفاعل وهو أن محرك التنفس فيه قوة إرادية على ما عرفت ومحرك النبض خال من الإرادة على المذهب الحق. فإن بعض أطباء زماننا ادعى أن المحرك للقلب الحركة النبضية قوة إرادية. وقد أبطلناه في شرحنا لكليات القانون. ثانيهما من جهة المقابل وهو أن المحرك في التنفس (706) الصدر والرئة والمحرك في النبض القلب والشرايين. إذا عرفت هذا فنقول التنفس له أسباب أربعة فاعلي وغائي ومادي وصوري. فالفاعلي قد عرفته وهو إما القوة لاإرادية والطبيعية (707) أو هما على اختلاف المذاهب. والغائي إصلاح مزاج القلب والروح أو لأمداد الروح على اختلاف المذهبين وإخراج البخار الذخاني. والصوري تأليفه من حركتين وسكونين على ما عرفت. والمادي الهواء المستنشق. والآلي PageVW5P072B داخل في المادي. PageVW1P117B فهذه الأسباب الأربعة متى * كانت على ما ينبغي (708) كان التنفس طبيعيا ومتى تغيرت بغير التنفس. فالفاعل مثلا متى ضعف وكانت الآلة والحاجة بحالتهما صغر التنفس لعجزه عن التحريك التام وعند ذلك تحصل السرعة فيه. وذلك ليحصل بها ما فات بالصغر. فإن ضعف أكثر من ذلك ازداد صغرا ونقصب السرعة وعند ذلك يحصل التواتر وهو أن يقصر زمان السكون وإن ضعف أكثر من ذلك لم تدارك (709) الطبيعة ذلك بأمر آخر. والحاجة إن ازدادت مع بقاء القوة والآلة بحالهما حصل مع عظم التنفس السرعة. وذلك ليتم بالسرعة ما لا يفي العظم به. فإن ازدادت أكثر من ذلك استعملت الطبيعة مع السرعة والتواتر (710) وذلك ليتم به من جذب الهواء البارد ما لا يتم بالعظم والسرعة. فإن ازدادت أكثر من ذلك لم تكن البطيعة في ذلك حيلة ومتى تغيرت الآلة وكانت القوة والحاجة لهما حيث (711) أنها تصير غير مؤاتية للحركة عجزت الطبيعة عن استعمال العظم لعدم مؤاتاة الآلة للحركة واستعملت الصغر والسرعة ويكون مقدارها بمقدار ما نقص من العظم. وذلك ليقوم لها مقام العظم في جذب الهواء البارد. وإن ازدادت الآلة في ذلك نقصت السرعة واستعملت الطبيعة التواتر لأن الأمر الموجب لضعف الآلة يضعف القوة. وعند ذلك تعجز عن استعمال السرعة. وإن ازداد ذلك في الآلة (712) لم يكن للطبيعة حلية في استعمال أمر آخر. فعلى هذه الصورة يتغير التنفس لتغير أسبابه المذكورة، والله أعلم.
68
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بوله غليظا شبيها بالعبيط يسيرا وليس بدنه PageVW5P073A ينقى من الحمى فإنه إذا بال بولا كثيرا رقيقا انتفع به وأكثر من يبول هذا البول من كان يرسب في بوله منذ أول مرضه أو بعده بقليل ثفل.
[commentary]
Bog aan la aqoon