Sharaxa Fusuul Abuqraat
شرح فصول أبقراط
Noocyada
[aphorism]
قال أبقراط: من اعترته حمى وليس في حلقه انتفاخ فعرض له اختناق بغتة فذلك من علامات الموت. (396)
[commentary]
الشرح هاهنا مباحث ثلاثة.
البحث الأول
في الصلة: وهو أنه لما ذكر في الفصل المتقدم البحران الانتقالي الكائن بالخراج، أعقبه بذكر ذلك بحران آخر انتقالي وهو الحادث بالخوانيق غير أن الأول جيد والثاني رديء. ولذلك يستحق الأول التقديم على الثاني. وصار هذا أردأ لوجهين: أحدهما أن (397) الانتقال فيه عضو خسيس إلى عضو شريف؛ ثانيهما أن هذا الانتقال يصير مانعا لدخول الهواء البارد إلى جهة القلب الذي الحاجة داعية إليه في مثل هذا الوقت لتسكين حرارة الحمى ولهيبها.
البحث الثاني:
قوله «من اعترته حمى» أي من عرض له حمى وليس في حلقه انتفاخ أي تورم ثم حصل له اختناق بغتة فإنه يدل على اندفاع المادة إلى جهة الحلق. وذلك لكثرة المادة وضعف لقوة عن دفعها عن مثل الحلق. وسبب هذا فوات تخفيف المادة إما بالفصد أو بالإسهال فبقيت محتسبه في البدن فعند مجيء البحران اندفعت إلى جهة الحلق وأوجبت فيه PageVW5P038A ما ذكراناه. وسبب اختصاص دفعها بهذا الموضع سخافة هذه الأعضاء وكثرة حركتها، وإنما شرط في قوله «وليس هناك انتفاخ» لأنه لو كان هناك انتفاخ ثم عرض اختناق بغتة لعله كائن لمزاحمة الورم بسبب نضج المادة فإن المادة إذا أنضجت تحلل جرمها، وعند ذلك تطلب محلا كبيرا فتزاحم ما حوله ويعرض الاختناق غير أن هذا الاختناق تعقبه في الأكثر خفة وراحة. وذلك عند انفجاره بخلاف الاختناق الأول فإنه لا يعقبه شيء من ذلك، بل الموت لما ذكرناه.
البحث الثالي:
مراده بالخلق مجرى الهواء والغذاء. قال جالينوس: قد جاء هذا (398) في كلام أوميروس فإنه قال إن الطعام والشراب يمران في الحلق، ثم اندفاع المادة في هذا الوقت تارة يكون إلى النعانع وهي الغدتان اللتان عن جنبي اللسان، وتارة يكون إلى عضل المريء فقط، وتارة يكون عضل الحنجرة فقط (399)، وأردأه ما كان الاندفاع فيه إلى داخل، وتارة يكون إلى العضل المشترك بين المريء والحنجرة، وأردأ هذه الأنواع جميعها ما كان الاندفاع فيه إلى العضل الداخل من عضل الحنجرة وهو مراد أبقراط. فإن الاختناق لا يعرض بغتة إلا إذا كان الاندفاع إلى العضل بخلاف ما إذا كان الاندفاع إلى غيره فإنه يعرض فيه اختناق لكن لا يكون قويا بغتة. ولذلك أمر الأطباء في معالجة هذا النوع بقطع الحنجرة عند تقلصها لتخرج الأبخرة الدخانية ويدخل الهواء البارد خوفا من الهلاك. وأما إذا حصل ورم في عضل المريء فإن منعه لنفوذ الغذاء أكثر منعه لنفوذ الهواء البارد. ولذلك أمر الأطباء في معالجة هذا النوع أن توضع المحاجم PageVW5P038B على الرقبة جميعها من جميع جوانبها وتمص مصا بالغا حتى تجذب المواد إلى ظاهر البدن ويصحبها الورم ونيفتح المجرى لنفوذ الغذاء. والله أعلم.
Bog aan la aqoon