162

[commentary]

الشرح هاهنا مباحث * تسعة (513) .

البحث الأول

في صلة هذا * الفصل (514) بما قبله: وهو أنه لما بين رداءة الخريف مطلقا، بين * رداءته (515) في هذا الفصل في صورة مخصوصة وهي لأصحاب السل.

البحث الثاني:

السل قد يعنى به دق الشيخوخة أي دبول الأعضاء، وقد يعنى به الدق المشهور، وقد يعنى به قرحة الرية. والخريف رديء للجميع. أما الشيوخي فلتجفيفه وميله إلى اليبس. وقد علم أن المرض المذكور يحتاج إلى مداواته إلى ما يرطب ويمنع التحليل. وأما الدق المشهور فضرر * الخريف (516) به ظاهر * أيضا (517) لما ذكرنا. وأما قرحة الرئة فلوجهين: أحدهما PageVW5P141B لكثرة ما يحصل فيه من النزلات التي هي من أضر الأشياء بقرحة الرئة؛ وثانيهما أن قرحة * الرئة (518) تلزمها حمى الدق. وقد علمت أن الخريف يضر تلك الحمى بالتجفيف وصارت حمى الدق لازمة للقرحة المذكورة، وذلك لمجاورتها للقلب.

البحث الثالث

في علة حدوث النزلات في الخريف: وذلك من وجهين: أحدهما الاستلذاذ بكشف * الرؤوس (519) للانتقال من حر الصيف، ولم يدخلوا بعد في الأكنان وليلة قوي البرد فينفذ البرد إلى أدمغتهم ويؤذيها * فيحبس (520) ما من شأنه أن يتحلل، وذلك مما يوقع في كثرة النزلات؛ وثانيهما أن الرئة * تتضرر (521) باختلاف الهواء في الحر والبرد وميله إلى اليبس لأنه يرد عليها بلا واسطة تفعل فيه * وتكسر (522) حميته.

البحث الرابع

في ماهية الذبول الشيخوخي الذي نقوله * نحن (523) في هذا الموضع إن ذبول الأعضاء واضمحلالها ينقسم إلى قسمين: طبيعي أي شيخوخي، وغير طبيعي وهو ما لا يكون كذلك: وذلك لأن الذبول يكون عن ثلاثة أسباب: أحدها استيلاء حرارة قوية تنشف رطوبات الأعضاء وبلتها، وذلك كما يحصل من استيلائها على الأشجار والنبات في صميم الصيف. وثانيها برد قوي يجمد الحرارة الغريزية ويجمد مادتها ويكثف مسالكها ومسالك الغذاء ويمنعه من النفوذ إلى جهة المغتذي، وذلك كما يعرض للأشجار * والنباتات (524) عند قوة البرد، ثم هذا البرد تارة يكون حصوله بواسطة ترك حركة معتادة الاستعمال، وتارة لا يكون حصوله * كذلك (525) . فالثاني كما يحصل في سن الشيخوخة، * والأول (526) كما إذا اعتاد الإنسان استعمال رياضة * تنهض (527) حرارته الغريزية وتحلل فضلاته وتقوى قواه ثم تركها. فإن أعضاءه تذبل وحرارته تجمد ومواده تجمد كل ذلك لاستيلاء البرد وسكون حادية أعضائه عن جذب الغذاء المحتاج إليه. قال الشيخ الرئيس في الفصل الأول من التعليم الثاني من الفن الثالث من كليات القانون: وكثيرا ما يقع تارك الرياضة في الدق لأن الأعضاء تضعف قواها لتركها الحركة الجالبة * إليها (528) الروح الغريزية التي هي آلة حياة كل عضو. قال نجم الدون ابن المفتاح: هذا * كلام (529) عجيب من الشيخ وهو أن الدق يتولد عن ترك الرياضة، وذلك مما يوفر الفضلات ويجمد الحرارة ويجمد * المادة (530) ، والدق يحدث عن حرارة غريبية قوية متعلقة بالأعضاء الأصلية. قلنا: ليس مراد الشيخ هاهنا بالدق الدق المشهور بين الأطباء بل ذبول الأعضاء وهزالها. قال الشيخ في المقالة الرابعة من الفن الرابع من الكتاب الرابع من القانون: الهزال يكون لعدم مادة السمن من الغذاء ولكثرة استعمال الغذاء الملطف فلا يتولد في البدن دم كثير * أو (531) لضعف القوة المتصرفة في الغذاء إما الهاضمة وإما الجاذبة إلى الأعضاء لفساد مزاج وأكثره بارد أو بسبب سكون كثير ينام معه قوة الجذب خصوصا إذا كان بعد رياضات اعتادت الطبيعة أن تجذب الغذاء PageVW5P142A بمعونتها، فإذا هجرت لم تجذب ولا الغذاء المعتدل. وهذا تصريح منه بأن * مراده (532) بالدق PageVW1P079A * هاهنا (533) ذبول الأعضاء وهزالها. إذا عرفت هذا فنعود إلى غرضنا فنقول: والسبب الثالث من أسباب الذبول فساد المادة التي بها تغتذي الأعضاء وزوالها عن * صلاحيتها (534) لتغذية الأعضاء وإخلافها عوض ما تحلل منها، وذلك كما يعرض للنباتات إذا أسقيت بمياه رديئة فإنها تذبل وتجف، وذلك لقلة ما في ذلك الماء من الأجزاء الغاذية. والدق المرضي حادث عن السبب الأول والشيخوخي عن الثاني والثالث، فإنه قد عرف أن في * كل (535) سن الشيخوخة الحرارة الغريزية آخذة في الخمود والمواد في * الجمود (536) ويتولد في البدن فضلات بورقيه رديئة غير صالحة * للاغتذاء (537) .

Bog aan la aqoon