Sharaxa Fusuul Abuqraat
شرح فصول أبقراط
Noocyada
قد عرفت أن الرياح الشمالية هي الهابة عن شمال المستقبل للمشرق وهي في الأكثر باردة يابسة. أما بردها فلأن جهة الشمال كثيرة الثلوج والجبال فعند مرور الرياح بها تفيدها بردا. وأما اليبوسة فلقلة ما يخالط الرياح المذكورة من الأبخرة الرطبة لجمود المياه الكائنة في هذه الجهة لقوة البرد. وإنما قلنا في الأكثر لأنه يحتمل أن يكون شمال بلد * ما (327) مياه كثيرة فتفيد الرياح المذكورة حرارة ورطوبة بما يتصاعد * منها (328) من * الأبخرة (329) . واعلم أيضا أن حكمنا على الرياح الشمالية بذلك بالقياس إلى بلادنا، وإلا فمتى امتدت إلى جهة الجنوب لم يبعد أن تسخن بمرورها على بلاد حارة.
البحث الرابع
لقائل أن يقول هاهنا اعتراضان: أحدهما لم قدم ذكر * الجنوب (330) على * الشمال (331) وقد * كان (332) يجب عليه أن يكون الأمر بالعكس، وذلك لوجهين: أحدهما لأنا شماليون، وثانيهما * لأن (333) منافعها أكثر من منافع * الجنوب (334) فتكون أشرف منها وتقديم الأشرف على الأخس واجب؛ وثانيهما لم لا ذكر أبقراط في إحكام الرياح الشمالية ما * يقابل (335) إحكام الرياح الجنوبية وهي قوة القوة وجودة الأفعال الطبيعية وصفا الحواس: قلنا الجواب عن الأول * أن (336) الإمام أبقراط في مقام ما تؤثره الريحان * المذكورتان (337) في الأبدان * المستعدة (338) * لتأثيرهما (339) من الأعراض وآثار الجنوبية بالحرارة والشمالية بالبرودة والحرارة أقوى الفاعلين فتقديمها أولى. والجواب عن الثاني * أن (340) غرض أبقراط أن يذكر ما توجبه هذه الرياح من الأعراض المرضية في الأبدان المستعدة لها، ولذلك قال * «يتوقع (341) PageVW5P137B في الأمراض حدوث هذه الأعراض» * وللأمور (342) المذكورة أحوال صحية.
البحث الخامس
في بيان * كيفية (343) إيجاب الرياح المذكورة: لما ذكره الإمام أبقراط، وهي أمور سبعة: أحدها السعال وثانيها وجع الحلق وثالثها يبس البطن ورابعها عسر البول وخامسها القشعريرة وسادسها وجع الأضلاع وسابعها وجع الصدر. أما السعال فلوجهين: أحدهما أن الحنجرة وقصبة الرئة أعضاء غضروفية * وهي (344) باردة يابسة على ما أوضحنا في شرحنا الكليات القانون، والرياح المذكورة كذلك فتزيدها بردا ويبسا وتؤديها لا سيما ووصولها إلى الأعضاء المذكورة بسرعة من غير أن تمر بعضو آخر تفعل * فيه (345) * وتنكسر (346) حميتها، وهذا لا * يناقض (347) حكمنا إن حفظ الصحة بالشبيه، فإن هذا القدر مخصوص بالأغدية لا بالأدوية * وحكم (348) الهواء حكم الدواء لأنه يؤثر في البدن مع بقاء صورة النوعية؛ وثانيهما كثرة النزلات الحادثة * عند (349) هبوب الرياح المذكورة، وذلك * لتكثيفها (350) للمسام وحبسها للمواد ببردها ويبسها. وأما وجع الحلق فتارة يفهم من الحلق قصبة الرئة والحنجرة وتارة يفهم منه المريء والنغانغ، والكل حق. فإن هذه الرياح لبردها ويبسها تحبس المواد في * الباطن (351) وعند احتباسها في الدماغ تقطر إلى الأعضاء المذكورة وتحدث ما ذكرنا. وأما يبس البطن فلوجوه ثلاثة: أحدها * بتكثيفها (352) عضل المقعدة فتحتبس الفضلات البرازية، وعند ذلك تنشف الحرارة الباطنة رطوباته فتجف؛ وثانيها قوة الحرارة الغريزية في الباطن، فإن الرياح المذكورة لبردها ويبسها تهرب الحرارة الغريزية منها إلى الباطن على ما عرفت، وعند قوتها في الباطن تنشف بلة البراز ورطوبته * فيجف (353) ؛ وثالثها لجودة الهضم، فإنك قد عرفت أن الحرارة قوية في الباطن في هذا الوقت، ومتى قويت هذه الكيفية جاد الهضم والاستمراء وعند ذلك تقل الفضلات البدنية جميعها فيقل البراز، وهذه الفضلة عند كونها قليلة ثم تهتم الطبيعة البدنية العامة والخاصة بدفعها فتبقى محتبسة في المعاء فتنشف * رطوباتها (354) وبلتها وتجف. قوله «والبطون اليابسة» تحتمل أن * يكون (355) الضمير في ذلك * عائدا (356) إلى البطون أي * أن (357) الرياح المذكورة توجب يبس البطن وتحتمل أن يكون الضمير عائدا إلى الحلوق أي أن الرياح المذكورة توجب يبس * الحلوق (358) ببردها ويبسها. * وأما (359) جالينوس فإنه فهم من ذلك أنه عائد إلى البطون والحلوق، قال: فإن الحلق عند هبوب هذه الرياح يحدث فيه يبس أي جفاف، وكذلك البطن، وأعني به البراز، فإنه يجف ويصلب عند PageVW1P077A هبوب * هذه (360) الرياح. والحق عندي أن الضمير في اليبس عائد إلى البطن لأنه أقرب * مذكور (361) . وأيضا فإن هذه الريح تحدث أمراض العصر والحقن فتقطر عند ذلك المواد * إلى (362) الحنجرة وقصبة الرية وتحدث أوجاع الحلق، ومثل هذه الأوجاع لا يكون معها سعال يابس أي بلا نفث البتة. وأما عسر البول فذلك لبرد المثانة PageVW5P138A لعصبية جوهرها فتكون مستعدة لتأثير برد الرياح الشمالية، وذلك موجب لحالتين: * إحداهما (363) ضعف دافعتها فإن فعل هذه يتم بالحرارة؛ * وثانيتها (364) * قوة (365) ماسكتها لأنه قد علم أن هذه محتاجة في فعلها إلى حرارة مقصرة، * وكل (366) واحد مما ذكرنا موجب لعسر خروج البول. وأما الاقشعرار فنقول: البدن الهابة عليه هذه الرياح لا يخلو إما أن يكون بارد المزاج وإما أن يكون حار * المزاج (367) . فإن كان الأول فإيجاب * الريح (368) المذكورة للاقشعرار فيه ظاهر، * وذلك (369) لهروب * الحرارة (370) الغريزية إلى جهة المبدأ طلبا للقوة، وذلك لضعفها في الأصل ولوجود الطاري. وإن كان الثاني فإيجاب الريح المذكورة * للقشعريرة (371) أيضا ظاهر، وذلك لحبسها * الأبخرة (372) * الحارة (373) اللذاعة فتلذع الأعصاب والأغشية. وبالجملة الأعضاء الحساسة * فتهرب (374) الحرارة الغريزية لذلك إلى جهة المبدأ ويستولي البرد على الظاهر * فيحصل (375) * القشعريرة (376) . وأما وجع الأضلاع أي ما يلي الأضلاع، وذلك لغلبة العظام والأغشية والأعصاب هناك، وكل هذه باردة على ما أوضحنا في شرحنا الكليات القانون. وقد علمت أن الاستحالة في الجنس القريب أسهل * منها (377) في البعيد، فيكون * تألم (378) ما ذكرناه من الأعضاء من البرد أكثر من تألم الأعضاء الحارة منه، والريح المذكورة باردة. وأما وجع الصدر فلما ذكرنا في أمر الأضلاع ولأنه برد عليه بالاستنشاق فيؤذي ما في تجويفه من الأعضاء ببرده ويبسه.
البحث السادس :
إنما قال الشمال، وذلك ليعم الرياح الشمالية والبلاد الشمالية غير أنه يجب أن تعلم أن آثار البلاد الشمالية لا تختلف البتة بل * هي (379) على وتيرة واحدة بخلاف الرياح، فإن آثارها تستد باستدادها وتحدث بعد إن لم تكن، فلذلك خصص الرياح بالذكر دون البلد، وسمي ما يحدث عنها أعراضا لأنها أمور عارضة أي طارية بخلاف الحادث عن * البلدان (380) ، فإنه أمر صحي لأنه مألوف مستمر الوجود. وخصص المرضى بأكثر * أيضا (381) لاستعدادهم لتأثيرها. ومراده بالمرضى بالأمراض الباردة، والأصحاء وإن كان يعرض لهم شيء من ذلك لكن عروضه للمرضى * أولى (382) وأكثر لما ذكرنا. وسمي ما يحدث عن ذلك أعراضا لما ذكرنا في الرياح الجنوبية. فإن قيل لم قال في الرياح الجنوبية فعند قوة هذه الريح وغلبتها يعرض للمرضى هذه الأعراض، وفي الرياح الشمالية فعند غلبة هذه الريح * وقوتها (383) ينبغي أن يتوقع في الأمراض حدوث هذه الاعراض فجعل ما يحدث عن الرياح الشمالية متوقع الحدوث، ولم يجعل ما يحدث عن الجنوبية كذلك بل بحدوثه، فنقول: وإنما كان * كذلك (384) لأن تأثير الجنوبية بالحرارة والشمالية بالبرودة والحرارة أقوى للفاعلين فكان تأثيرها أسرع وأقوى وأمكن في الوجود من تأثير البرودة.
البحث السابع:
الرياح الشمالية عند هبوبها تقل الأمطار والغيوم، وذلك لأنها تعكس الأبخرة الرطبة الآتية من جهة الجنوب وتمزق السحاب المنعقد منها في جهة الجنوب. وهذ هو أحد الأسباب الموجبة ليبس هواء هذه الجهة، لأنه قد علم أن المراد بقولنا هواء رطب في هذا الموضع هو ما تخالطه أبخرة كثيرة، وباليابس ما يحلل ذلك * عنه (385) أو * ما (386) خالطه أجزاء دخانية.
البحث الثامن:
Bog aan la aqoon